من أكثر الأخبار والتعليقات تردداً في الصحافة المحلية والعربية، وحتى العالمية، في اليومين الماضيين، بالإضافة إلى رحيل الملك عبدالله يرحمه الله، هي الدهشة من سلاسة انتقال الحكم، بطريقة فذة لفتت أنظار العالم، لتسقط كل الأفكار والتحليلات، والتنبؤات الصحافية الأجنبية، بل وحتى أحلام وأماني البعض من المتربصين، الذين لا يريدون لهذه البلاد الأمن والطمأنينة، وينتقل الحكم، كالعادة، بكل هدوء وتلقائية، وربما كانت بعض المقالات أرادت التهويل في مسألة انتقال الحكم مستقبلا من أبناء المؤسس، إلى أحفاده، لكن هذا التهويل أيضاً تبخر ببساطة، مع آلية الحكم ونظام البيعة الذي تم الاتفاق عليه، والعمل بموجبه، وهو ما يقود البلاد إلى مزيد من الأمن والسلام.
ولعل المشهد الآخر الذي لفت أنظار العالم، ودهشته، وهي أيضاً دهشة تتكرر مع رحيل الملوك في هذه البلاد، لكنها مع رحيل الملك عبدالله كانت أكثر دهشة لهم، كونه من أكثر قادة العالم تأثيراً في العقد الأخير، هي بساطة مراسم الدفن، بقبر بسيط، لا يختلف إطلاقا عن القبور المحيطة، حتى أن بعض الصحف ترجع ذلك إلى ما تسميه التقاليد الوهابية، بينما في الأصل هو نمط الدفن الصحيح على السنة النبوية المتبعة، من غير بناء ولا شواهد وخلافه!
ولعل المثير أن هذا الدفن، بالقبر البسيط لم يلفت أنظار الغرب وصحافته، وهي تتناقل صور القبر، لأحد أكثر قادة العالم تأثيراً، بل حتى كثير من حسابات عامة الإيرانيين في تويتر، كتبت عن ذلك بتقدير وامتنان، ونقل هذه التغريدات حساب باللغة العربية اسمه «شؤون إيرانية» قام بترجمة كثير من التعليقات المكتوبة بالفارسية، من بينها تعليق قارئ إيراني: «في السعودية لا يشيدوا أضرحة لرموزهم فقط صلاة مليونية للميت ومن ثم يبقى قبره مجهولا مثل بقية الناس» وقارئ إيراني آخر كتب معلقاً على مراسم الدفن: «يجب أن نتعلم نحن الشيعة من هؤلاء العرب كيف يقيموا هذه المراسم بهكذا بساطة» وثالث كتب: «بساطة مراسم الدفن هي النص الصريح للسنة النبوية فقدتم دفنه بهذه البساطة. اللهم أرحم جميع المسلمين واشملهم برحمتك».. آمين.
هؤلاء الذين كتبوا نظرتهم تلك في حساباتهم، وبشكل فردي، يمثلون الصوت الحر، وهم بالطبع مختلفون تماماً عن بعض الصحف هناك في إيران، أو في غيرها من الدول، بل وحتى الأفراد، الذين مازالوا يتحدثون عن زعزعة وخلافات وصراعات، لا تظهر إلا في أحلامهم وأمانيهم!