لا شك أن السعودية أخذت بالتقارير التي تشير إلى خطورة استنزاف الموارد المحلية بمعدلات نمو متسارعة حيث بلغت نسبة الاستنزاف في الوقت الحاضر نحو 25 في المائة من الإنتاج المحلي وإذا ما استمر نفس معدل النمو الحالي فإن الاستنزاف سيصل إلى 100 في المائة من الإنتاج الحالي بعد عقدين من الآن.
ومن أجل إضافة مداخيل إضافية للثروة العامة لخزينة الدولة بالإضافة لحفظ الثروة النفطية للأجيال المقبلة فإن الدولة اتجهت إلى إستراتيجيات جريئة تؤسس لتنمية اقتصادية اجتماعية مستدامة من خلال سعيها إلى تأسيس كيانات للتطوير والتصنيع والاستحواذ على التقنية.
وهناك اليوم 30 دولة تشغل مفاعلات ذرية لإنتاج الطاقة منها تسع عشرة دولة أوروبية بالإضافة إلى دول أخرى تعمل على إضافة الطاقة الذرية إلى مزيج الطاقة بها وذلك لأخذهم بالنتائج العلمية التي تؤكد سلامة الطاقة الذرية تقنيا واعتماديتها العلمية ونظافتها البيئية. وقد توصلت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة إمكانية توطين ما نسبته 60 في المائة من كامل عناصر منظومة الطاقة الذرية و80 في المائة من عناصر منظومة الطاقة المتجددة في السعودية بتكلفة تصل إلى 140 مليار دولار بحلول عام 2030 وخصصت مشروعات للاستحواذ على التقنيات المتعلقة بالمشروع نحو 25 مليار دولار موزعة على السنوات العشر المقبلة. فالدولة متجهة نحو الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية غير المتجددة من خلال تاسيس نمط مستدام من الإنتاج والاستهلاك والتصنيع يضمن استمرارية النمو الاقتصادي والرخاء الاجتماعي وتهدف الدولة إلى استخدام الطاقة الذرية والمتجددة في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه من البحر من أجل التوصل إلى المردود الاقتصادي الأمثل. فالسعودية عملاق طاقة خضراء نائم إذ تتطلع السعودية إلى تصدير الطاقة الشمسية إلى أوروبا لقربها والتحول إلى الطاقة الشمسية ضروري خصوصاً بعد إعلان السعودية وضع خطط لإنفاق 109 مليارات دولار على الطاقة الشمسية وعلى بناء مدينة خضراء وقد توقعت (ايرينا) الوكالة الدولية للطاقة المتجددة تحقيق عوائد بقيمة 200 مليار دولار في دول الخليج بحلول عام 2030م. فإن الوقت قد حان لتطوير واعتماد نماذج وأنماط جديدة ومستدامة لتوليد الطاقة وستكون السعودية مصدراً للطاقة المتجددة خصوصاً في ظل تراجع الاستثمارات العالمية الخاصة والحكومية في عام 2012 عما كان عليه في عام 2011 بسبب الأزمة المالية العالمية وارتفع مخزون طاقة الرياح والطاقة الشمسية من 50 جيجاواط عام 2004 إلى 307 جيجاواط عام 2011م.
وتتعاون السعودية مع شركات عالمية لتطوير تقنيات جديدة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية التي توفر 65 في المائة من الوقود الأحفوري يسمى باسم (ام أي دي ) التحلية متعددة التاثير وهو مشروع سعودي كوري مشترك وطبقتها مؤسسة التحلية في مشروع تجاري تمكنت من تخفيض الاستهلاك نحو 40 في المائة ويطيل عمر المحطة الافتراضي من 25 سنة إلى 40 سنة وياتي إنتاج المياه المحلاة من محطات تجاوز عمرها الافتراضي بنحو 52 في المائة وتنتج السعودية في الوقت الراهن حتى نهاية عام 2012 من المياه المحلاة نحو 3.3 ملايين متر مكعب يوميا وأغلب المحطات تستخدم الطرق التقليدية الذي يستهلك كميات كبيرة من الوقود الأحفوري حيث يمثل استهلاك هذا الوقود التحدي الحقيقي لصناعة التحلية في السعودية . وبينت دراسة اصدرتها مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة بان السعودية تستهلك 43 جيجاواط من الكهرباء عام 2010 وسيتضاعف ثلاثة مرات عام 2030 يصل معدل الاستهلاك إلى 120 جيجاواط فلابد أن تضيف السعودية لنفسها قدرات توليد طاقة جديدة من أجل الحفاظ على الازدهار الاقتصادي وتخفيض كمية الوقود الأحفوري المستخدم لإنتاج الطاقة وكذلك توفير مبالغ طائلة في خزينة الدولة إذ يقدر تكلفة دعم الدولة للطاقة والوقود نحو 1.6 تريليون ريال ما بين 2002 و2011 ويصل سعر البترول المحروق في التحلية المدعوم بنحو 57 هللة للمتر المكعب الواحد فيما أن سعره العالمي يصل إلى 3 دولارات بينما إذا ما استخدمت الطاقة الشمسية فإن التكلفة ريال واحد أي توفر لخزينة الدولة 10 ريالات أي أن يكون الخيار الإستراتيجي المستقبلي في الطاقة البديلة للوصول إلى مستويات عالية في كفاءة الطاقة الذي يتوقع أن يكون بحلول عام 2022م.
وتستهلك السعودية من الوقود الأحفوري النفط نحو 2.81 مليون برميل في اليوم عام 2010 وتستهلك أكثر من دول صناعية متقدمة وكبرى في العالم مثل ألمانيا والبرازيل وكوريا الجنوبية وكندا ويقترب استهلاكها من الهند وروسيا الاتحادية مما يعني أن السعودية تعاني خلل هيكلي بسبب تركيزها على مصدر وحيد للطاقة ما يعتبر نزيف للموارد المحلية الذي يعتبر المصدر الوحيد للدخل حتى الآن للدولة فأصبحت المعالجة ثنائية في البحث عن مصادر بديلة للدخل وفي نفس الوقت في البحث عن مصادر بديلة للطاقة.