يقول السعوديون (نمنا وفي رقابنا بيعة لملك وأصبحنا وقد صلينا الفجر ونحن نبايع ملكاً جديداً) فرحم الله من ترجل؛ وأعان الله من تسنم القيادة والحكم والإدارة.
يقول العارفون لم يترك ذلك الصباح مجالاً لسائل؛ محباً أو صديقاً أو منصفاً مراقباً أو حتى مبغضاً كارهاً، ذاك الصباح المبارك في يوم الجمعة المبارك حزن السعوديون لوداع ملك إنسان؛ كامل الإنسانية، صادق مع نفسه ومع شعبه، رحيماً بهم، عطوفاً على أحوالهم؛ عينه على الانسان في وطنه، على شبابه، على الأجيال كلها، تعليماً وتدريباً وتأهيلاً، وعينه على بناء الجامعات ازدادت في حكمه إلى (35) جامعة، وعينه على تطوير المدينتين المقدستين والمشاعر كلها بمتابعة دقيقة منه رحمه الله، وعينه على المحاويج من الفقراء في هذا الوطن.
رحمه الله من أجل ذلك بنى المنشآت والهيئات التي تلفت النظر إلى حجم المشكلة؛ بعضها من ماله الخاص (نأمل أن تستمر هذه المؤسسات الخيرية التي تحمل اسمه؛ مشروع الملك عبدالله للإسكان التنموي).
رحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعينه على شباب الوطن خشيةً أن يجرفهم التيار أو يتخطفهم متطرفون من هنا أو هناك وهم طاقة المستقبل فأعد لهم برامج رائدة للابتعاث والتعليم والحوار.
وليس بمستغرب أن تسمع إذنك من شباب الوطن من يتحدث بعفوية واعتزاز فيحييّ الملك الراحل (بوالدنا أو أبونا أبو متعب).
من الكنى التي تشعرك بالحميمية والدفء والقرب في العلاقة الإنسانية.
وهو- رحمه الله - يبادلهم المشاعر نفسها حباً بحب ووفاءً بوفاء (يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم، وأستمد قوتي من الله ثم منكم، فلا تنسوني من دعواتكم».
في كل الدنيا لن يصغي العالم إلا لمن يعلي من شأن قيمهم ودينهم ويحمي شعائر الدين في كل مناسبة وهكذا اعتاد السعوديون أن يسمعوا ذلك من ملوكهم حتى تملك قلوبهم ومن ذلك كلمة الملك عبدالله رحمه الله وذلك في رمضان المبارك لعام 1434هـ:
(لقد علمتنا رسالة الإسلام، واستقينا من منهج رعيل الأمة وسلفها المبارك أن الإسلام هو دين المحبة والصفح والتسامح، ورسالة للبناء والسلام، ومنهج للحوار لا الانطواء والانهزام، وإسهام فاعل وفق شراكة تقوم على مبادئ التكافؤ، لتعزيز معاني الحضارة الإنسانية العليا، ولتعزيز مجتمع المبادئ الإنسانية وفق قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (256) سورة البقرة، فهذا هو المحك الذي تقوم عليه الرسالة الإسلامية وهي تثق بقيمها التي تستقر في القلوب المؤمنة طوعاً لا كرهاً، ومن ثمرات هذا المعنى الرفيع قول الحق سبحانه: {وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} (190) سورة البقرة.
حجزت مكانك في قلوب الناس وفي صفحات التاريخ كقائد مصلح محب وداعية سلام سينصفك التاريخ كواحد من قادته المتميزين.
كان الهمّ الإنساني طابعه منذ بدايات رئاسته للحرس الوطني؛ أشير إلى رؤيته في بناء مدن سكنية للحرس الوطني في مختلف مناطق المملكة وبناء المستشفيات الضخمة في أماكن وجود رجال الحرس الوطني؛ من تابع تلك الفترة يوم كان خشم العان مدينة الصفيح الأولى ربما في العالم وإذا بها المدينة النموذجية في تخطيطها وهندسة بنائها تضم أكثر من (100) ألف من الأسر من منسوبي الحرس الوطني انتقلت لها أسرهم ولم يحتاجوا لشيء كل فلة تضم احتياجات الأسرة كافة.
مدن مزودة بالمدارس والملاعب والمساجد والأسواق والحدائق والمستوصفات.
وهكذا تم هندسة كافة مدن الحرس الوطني السكنية.
في عهده - رحمه الله - نما الحرس الوطني في كل اتجاه المدن الرياضية في الحرس الوطني من التميز والكفاءة قل لها نظير.
احتاج الوطن إلى جامعة صحية تسد النقص فأمر بانشاء أكبر جامعة صحية مرتبطة بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني؛ رغب الوطن في الحفاظ على موروثه التاريخي فكان المهرجان الوطني للتراث والثقافة وما زال في رعاية الحرس الوطني إلى اليوم.
ومنذ تولى دفة القيادة في المملكة؛ أراد أن يلفت النظر إلى حال بعض الأسر القريبة من العين البعيدة عن القلب فزار الأحياء الفقيرة في مدينة الرياض عام 2003م. لافتاً إلى أهمية أن تتبنى الدولة هذا الملف بكل همة ونشاط وانسانية.
وفي عهده - غفر الله له - أنفق على الضمان الاجتماعي ومحاربة الفقر مليارات الريالات بفضل الله ثم بما يملكه الملك الراحل من قيم رفيعة تجعل الانسان في الصف الأول من الاهتمامات.
تبرز في عهده انجازات ماثلة للعيان أبرزها:
1- النقلة النوعية للتعليم العالي من 8 جامعات عام 2005م حتى الوصول 35 جامعة حكومية وأهلية و100 كلية وجامعة خاصة. منتشرة في محافظات المملكة.
2- جامعة كوست في جدة.
3- جامعة الأميرة نورة في الرياض أول جامعة نسائية متخصصة في المملكة.
4- استاد الملك عبدالله في مدينة جدة.
5- برامج حافز المخصصة لدعم الشباب.
6- برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي.
7- المدن الصناعية ودورها في استيعاب الشباب.
8- مدينة الملك عبدالله المالية في مدينة الرياض.
9- جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية في الحرس الوطني.
10- اعتماد انشاء (11) استاذاً رياضياً في مختلف مناطق المملكة.
11- بناء شبكة ضخمة من القطارات والنقل العام في مدينة الرياض.
عدا ما أعده من تنظيم مؤسسة الحكم وهيئة البيعة وما صدر في عهده من أنظمة عدلية قضائية وإعلامية مختلفة.
كانت عينه على الإصلاح - رحمه الله - حيث يقول: (إن الدولة ماضية في نهجها الإصلاحي المدروس المتدرج ولن نسمح لأحد بأن يقف في وجه الإصلاح سواء بالدعوة إلى الجمود والركود أو الدعوة إلى القفز في الظلام والمغامرة الطائشة، وأن الدولة تدعو كل المواطنين الصالحين إلى أن يعملوا يداً بيد وفي كل ميدان لتحقيق الإصلاح، إلا أن الدولة لن تفتح المجال أمام من يريد بحجة الإصلاح أن يهدد وحدة الوطن ويعكر السلام بين أبنائه).
خالص الدعاء بأن يرحم الله والدنا عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وأن يسكنه فسيح الجنان ونجدد البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي عهده والأسرة المالكة، والشعب السعودي الوفي.