خطوات الوداع ثقيلة على النفس تهز الأجساد وتخلع الأفئدة وتقشعر منها الجلود ويعتصر الأسى ليهلك الجوارح بالرجف والاهتزاز ثم ينكشف الستر المختبئ في الداخل تكشفه دمعة العين لتسيل على الخد ليجتمع ذلك كله في شخص كل معلم وطالب ومشرف وموظف وإداري تابع لإدارة التعليم بمحافظتي حوطة بني تميم والحريق ليقول للأستاذ الفاضل والمربي القدير أستاذنا: إبراهيم بن محمد الصويهيد وداعا لك أيها المربي فقد وسعت المعلمين والطلاب والموظفين بسمتك وحكمتك وتربيتك وتوجيهاتك، لقد ترجمت التربية بتصرفاتك وقراراتك ولقاءاتك وأحاديثك فكانت بلسما شافيا وجهته إلى جيل متعطش فنمى وكان قرة عين لهذه المحافظة فكم أقمت من تربيات ورفعت من رايات كم اطمأنت بك النفوس وانشرحت بك الصدور وتقوت بك العزائم فالمعلم وهو في فصله يتذكر توجيهاتك فينشط والطالب وولي أمره يتذكر ويسمع بأسلوبك وإنصافك واحتضانك له واستقبالك فيصل إلى الحق وتلك حكمة أتيتها ومن يؤتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.
وداعاً أيها الإداري الناضج والنظامي بعيد المقاصد هنيئاً لك هذا المستوى الرائع الذي أدرت به الإدارة المتناثرة الأطراف متباينة الشرائح والبينات أدرتها أكثر من ربع قرن وأنت فارس الميدان لم تتعثر أو تعصف بك الزوابع لأن حظوظ النفس ومنعطفات الطريق واستمالة المغرضين وضعف المرضى وتقلبات النفوس تجاوزت العواطف إلى المناهج وسمت نفسك وإرادتك عن خدمة الذات والانتماءات إلى خدمة العلم والتربية والبلد والمحاضن التربوية والإدارات المدرسية في كافة اتجاهاتها فأثمرت إدارة واضحة متينة أبت إلا الشموخ والتعالي. (لقد أتعبت من بعدك يا أبا بكر قالها عمر في أبي بكر) وكل محب يقول لك: لقد أتعبت من بعدك يا أبا محمد وإنا على فراقك لمحزونون).
إن أعظم الثمرات أن يخلد الإنسان سيرته الإدارية والتربوية منهجاً يتبع، يجمع بين النظام وإدراك الأمور وتجاوز الصغائر وتخليص النفوس من أمراضها فيتجاوز بذلك الأنانية والطائفية والتبعية والانغلاقية والقولبة الحصرية إلى السير في أفق عريض كبير يخدم الحمل والمسؤولية الثقيلة التي تولاها، وداعاً أيها المهيب لقد صدقت مع الله ثم مع نفسك ومنهجك وصدقت مع العامة والخاصة وصدقت مع القريب والبعيد وأنصفت الغريب من اللصيق فأورثك الله مهابة في إدارتك وشخصك حتى كنت مضرب المثل لمن دخل عليك فابتسمت له ابتسامة الصادق ثم قابلته مقابلة المسؤول الأمين ففهمت له وفهم لك وأرضيته بما يستقر في نفسه هو أن ما اتخذت ووجهت به بالنسبة له أنه هو الحق فهنيئاً لك هذه المرحلة العلية.
وداعا أيها القدوة لقد قلت كلماتك وعظمت أفعالك واتزنت تصرفاتك وأصابت خطاك ونأيت بنفسك عن ملاحقة الإعلام في كل باب وقصرت عن المبالغات والدعايات فسعى لك الإعلام باحثاً عنك كما يبحث الغواص عن أثمن لؤلؤة، لقد أنصفت بعدلك ما يحصل - أحيانا - من مجادلة الأقران وتزاحم وتنافس الفرسان مما يحصل من بعض المعلمين فكنت لهم مربياً ناصحاً عادلاً وأباً مشفقاً وتلك وربي خلة عزيزة إنصاف وتربية ومحبة وستر وعفو لقد أنصفت الطالب ومن وراءه وأدرت الإدارة بعدل وأمانة.
وداعاً أيها المعاصر الثابت مع منهجك الشرعي وهذه أم المحامد وجامعة الحلل والمفاخر وبها تجتمع المعاني والمباني والوسائل والمقاصد إنها معادلة العلماء ونضج الحكماء أن تجمع بين المعاصرة والمستجدات واستشراف المستقبل فتدفع بالتعليم والتربية والوسائل التعليمية والإدارة المدرسية ومحاضنها.. تدفعها إلى هناك تدفعها بعيداً حيث يقصر بأصحاب الأفق الضيق إدراك ذلك ثم أنت تجعل مطية ذلك ومركبه ثوابت الشريعة والهدي المحدي ومنهج السلف لننتقل إلى العمل الجاد الذي يرفع المجتمعات ويدفع عن التعليم التخلف ويحقق الريادة بقواعد وضوابط متينة.
أستاذي الكبير أيها الفارس الراحل لئن أحزنتنا وأبكيتنا وجرعتنا كأس الأسى بفراقك فلن نتشاءم ولن نهتز ولن نجزع لأننا ثمرة من غرسك وتربيتك ولأن عزائمنا عادت سريعة لتعقد على النفوس البشارات فقد أبصرت نوراً قادماً وقريشياً لامعاً سيقود المركب لقد عادت آلامنا أفراحاًَ وهمونا سعداً وانجلت عنا غشاوة السراب الذي لمع من بينه الفارس الأغر والمدرسة المتكاملة والشيخ المربي والداعية الإمام فبارك الله لنا ولمحاضننا التربوية ولإداراتنا المدرسية ولمناهجنا التعليمية في شيخنا الفاضل سعادة الأستاذ: عبدالرحمن بن سعد القريشي، لا نملك إلا الدعاء والتبريكات له، والشكر موصول لصاحب المعالي وزير التربية والتعليم في حسن اختياره وتوفيقه في ذلك، سدد الله الخطا وثبتنا على طاعته.
متوسطة وثانوية حوطة بني تميم
dal_aziz@hotmail.com