بقلوب مفعمة بالحزن والأسى فقدت الأمتان العربية والإسلامية قائداً حكيماً وملكاً صالحاً وقامة كبيرة.. في وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز- تغمده الله بواسع رحمته- الذي أفنى وأمضي حياته في خدمة قضايا وهموم الأمتين العربية والإسلامية.. مدافعاً عنها من كل ما يهدد كيانها واستقرارها ومسيرتها بصدق وإخلاص وتفانٍ.. وسيظل التاريخ السياسي العربي.. يتّذكر إسهاماته وخدماته وتضحياته الخالدة بعدما ساهم برؤيته الحكيمة وسياسته العصرية في التصدي للمخاطر والمؤامرات التي كانت تهدد أمُته من المتربصين والكائدين الذين كانوا ينسجون خيوطها وتدّبر من قوى الشر والفساد والظلام.. فضلاً عن إسهامات -الملك الراحل - في نشر ثقافة الحوار بين إتباع الأديان والثقافات, وكذا دعم المشروعات التي تؤسس للسلام العالمي إلى جانب مسارعته -يرحمه الله- في مد يد العون والمساعدات العاجلة للفقراء والمتحاجين والمتضررين والمنكوبين الذين كانوا يعانون من مرارة الكوارث وقسوة المحن وارهاصاتها.. من أبناء أمتيه العربية والإسلامية.. هكذا كان صاحب القيادة التاريخية والقلب الكبير (عبد الله بن عبد العزيز) -غفر الله له- في مسيرته البناءة, وسيرته العطائية الحافلة بالمواقف الأصيلة والمعطيات الإيجابية الخالدة.. رمزاً كبيراً خدم قضايا العروبة والإسلام وأرسى قواعد وأسس التسامح والتعايش, ونشر قيم العدل والأمن والمحبة بين دول وشعوب الأرض, أما في الشأن الداخلي فقد شهدت المملكة العربية السعودية ومنذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز-غفر الله له- قبل ما يقارب العقد من الزمن.. إنجازات تنموية ومنجزات كثيرة تميزت بخاصية الشمول والتكامل.. أظهرت تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه والمجتمع, وحققت المملكة في عهد الملك الصالح مكتسبات ومعطيات وأرقام.. مهمة في مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والثقافية والرياضية والشبابية في قالبها النهضوي, كما اتسعت دائرة المشروعات الخدمية والتنموية في مجالات التعليم والصحة والإسكان والموصلات والمياه والنقل والبلديات والرياضة في مختلف مناطق المملكة, وأوصل- يرحمه الله - قيادة قطار التنمية المستدامة والتخطيط برؤية استشرافية وفكر استراتيجي ووعي تنظيمي وافق واسع.. يلتمس من خلالها كل ما يوفر المزيد من الخير والازدهار والنماء والبناء, وتحقيق رفاهية وراحة أبناه المواطنين, واستقرار المجتمع وأمنه.. وآخر قراراته التنموية عندما أصدر الملك الراحل قراره السامي القاضي بإنشاء إحدى عشرة منشأة رياضية بأعلى وأفضل المواصفات والمعايير العالمية في إحدى عشرة مدينة من مدن مملكاتنا الحبيبة.. يجسد اهتمامه ودعمه لقطاع الشباب والرياضة, ويعكس في الوقت ذاته عمق رؤيته الثاقبة, وتطلعاته المستقبلية المبنية على أسس علمية متينة, فما نراه اليوم من بنى تحتية صلبة.. من جامعات أكاديمية تفوق الـ25 جامعة بعد أن كانت فقط 7 جامعات قبل عشر سنوات..! ومنشآت رياضية ومدن اقتصادية ومدن طبية وغيرها من المشاريع الخدمية في المجالات التنموية والحضارية والإنسانية.. تؤكد وبلغة الأرقام أن الملك عبد الله -يرحمه الله- كان صاحب رؤية واعية لإدارة التنمية وهو رائدها, ورجل المنجزات البنائية الذي ساهم بفكر عصري في تحقيق نهضة تطويرية نوعية عمت كافة بلادنا الغالية.. نهضة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته.. فرحم الله ملك الإصلاح والتطوير»عبد الله بن عبد العزيز» الذي أحب شعبه بلغة ومتانة العقد الاجتماعي فأحبوه.. وكرّس حياته في خدمة وطنه وقضايا أمته العربية والإسلامية بكل إخلاص وصدق وعطاء.. تاركاً خلفه طفرة لم يشهدها المجتمع السعودي.. وتاريخاً مشرقاً..حافلاً بالمنجزات الوطنية والمكتسبات النهضوية والمعطيات التنموية غير المسبوقة.. ستظل محفورة في ذاكرة الوطن.. تغمده الله بواسع رحمته.. وعزاؤنا أن قطار النماء والبناء والأمن والأمان والاستقرار الوطني سيستمر -بإذن الله - على دروب الخير والإصلاح والتقدم والازدهار.. في عهد الملك سلمان- حفظه الله- الذي نبايعه ملكاً للمملكة العربية السعودية على السمع والطاعة, ونبايع أيضا ولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبد العزيز, وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف, سائلا الله العلي القدير أن يحفظ قيادتنا الحكيمة ووطننا الكبير من كيد الكائدين, وشر الحاسدين ومكر الخاسرين.