الحمد لله على قضاء الله وقدره، إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الملك الإِنسان حبيب الشعب السعودي ومناصر الشعوب المظلومة مادياً ومعنوياً ورائد النهضة التطويرية للتعليم. رغم قصر مدة حكمه رحمه الله فإنَّ البلاد ولله الحمد حباها الله وفرة في الدخل وحُسن إنفاق من أجل التنمية الشاملة ورخاء الشعب.
لا يمكن لكاتب أو صحيفة رصد ما قدمه الملك عبد الله رحمه الله للوطن وللأمتين العربية والإسلامية بل والعالم أجمع في مقال أو صفحة أو كتاب، كما أن محبة الملك عبد الله لم يعبر عنها الشعب السعودي فقط بل عبر عنها العالم أجمع عندما حضر ممثلوه من ملوك ورؤساء دول ورؤساء وزارات وقادة على مختلف المستويات والأديان للتعزية في وفاته رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته. أتذكر أحد أهم المنجزات التي تمت في عهده في مجال التعليم العام، حيث كنت في شهر ذي القعدة من عام 1427هـ ضمن وفد وزارة التربية والتعليم برئاسة وزير التربية والتعليم للمشاركة في الحوار الوطني الخامس المخصص للتعليم بمنطقة الجوف بالمملكة، بحضور نخبة من رجال ونساء التربية والفكر يزيد عددهم على مائة مشارك لمناقشة قضايا التعليم لمدة ثلاثة أيَّام (كان اليوم الأول مخصصا للتعليم العام) وفوجئنا في مساء ذلك اليوم وبعد انتهاء الحوار الوطني المنقول تليفزيوناً على الهواء مباشرة ورد اتصال تلفوني لمعالي الوزير من الديوان الملكي يؤكد فيه على أن الملك عبد الله رحمه الله وجه بأن تقدم الوزارة في جلسة مجلس الوزراء القادمة تصورها عن احتياجاتها على ضوء ما تم نقاشه في الحوار الوطني المخصص للتعليم العام، بما يحقق التطوير النوعي للتعليم العام (حيث إن التعليم العام ولله الحمد توسع من حيث الكم بتوفيره في كل تجمع سكاني لكافة مراحله للبنين والبنات في المملكة). وبالفعل فقد عملت مع زملائي المسؤولين بالوزارة برئاسة الوزير على وضع التصور المطلوب تحقيقه للتعليم العام بما يحقق تطلعات ورؤى قائدنا الملك عبد الله رحمه الله، وتم تقديم التصور كما وجه به رحمه الله في جلسة المجلس المحددة بالأسبوع التالي للحوار، والتي على أثرها صدرت الموافقة السامية الكريمة بتخصيص تسعة مليارات ريال لتطوير التعليم العام تصرف خلال 6 سنوات وفق أربعة محاور هي:
1 - تطوير المناهج
2 - إعادة تأهيل المعلمين والمعلمات
3 - تحسين البيئة التعليمية
4 - دعم النشاط غير الصفي، وأطلق على المشروع، مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام (تطوير) الذي يسير الآن ولله الحمد نحو تحقيق تطلعات ورؤى الملك عبد الله رحمه الله. وقد حظي هذا المشروع العام الماضي بدعم إضافي كبير جداً، حيث خصص الملك عبد الله رحمه الله مبلغ ثمانين مليار ريال للاستمرار في المشروع بعد أن تمت إضافة محاور اخرى، منها استبدال كافة المباني المستأجرة بمبان حكومية مناسبة على أن ينجز المشروع خلال خمس سنوات أي في عام 1441هـ. هذا غيض من فيض مما أغدق ملك العلم وقائد النهضة التطويرية للتعليم بالمملكة لبناء جيل المستقبل. وهناك - كما يعلم الجميع - العديد من مشروعات تعليمية اخرى في مجال التعليم العالي والفني التقني، حيث قفز خلال السنوات التسع الماضية عدد الجامعات من 8 جامعات إلى أكثر من 30 جامعه حكومية وأهلية ومائة كلية أهلية وتقنية وفنية وكليات لخدمة المجتمع للبنين والبنات، وكذلك تم استحداث مشرع الملك عبد الله للابتعاث الخارجي الذي ضم أكثر من مائتي ألف طالب وطالبة، إضافة لدعم الملك عبد الله للتعليم الأهلي العالي بدفع رسوم الطلاب والطالبات الملتحقات بالتعليم الأهلي العالي بالمملكة.
رحم الله والدنا وقائدنا الملك عبد الله بن عبد العزيز، نسأل الله العلي القدير أن يعين الخلف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - للاستمرار في المسيرة التطويرية التعليمية التي بدأ بها الملك عبد الله، والذي لم يكن بعيداً عنها حيث كان الملك سلمان ولي عهده ونائبه في رئاسة مجلس الوزراء وسندا قويا أمينا للملك عبد الله لتحقيق تطلعاته ورؤاه. وأسأل الله أن يعين ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وسمو ولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في تحقيق تلك الرؤى والتطلعات في التطوير النوعي للتعليم في كافة مراحله للمنافسة العالمية في مجال التعليم. والله الموفق.