الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإنه ببالغ الأسى، وعظيم الحزن، تلقى الوطن والمواطنون بخاصة، والعالم كله، نبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته- وفقدت الإنسانية بفقده رجلاً عظيماً، وقائداً فريداً، خدم دينه، ووطنه، وأمته، والبشرية جمعاء، خدمة جليلة، وقدم لها أعمالاً عظيمة، سطرت اسمه -رحمه الله- بأحرف من نور في سجل التاريخ الإنساني، كأحد عظماء القادة في العصر المعاصر، ومآثره. ومناقبه أكثر من أن تحصى، نسأل الله -تعالى- أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجزل له الأجر والمثوبة على أعماله الجليلة في خدمة الإسلام والمسلمين.
ولا يسعنا إلا أن نتقدم بأحر التعازي، لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي عهده -حفظهم الله ورعاهم- وللأسرة الملكية المبجلة، ولأهل الفقيد الغالي، وأبنائه، وذريته، وللشعب السعودي.
والعالم كله إذ يفقد قائداً عظيماً من آل سعود النجباء الكرام، فإنه يستقبل قائداً عظيماً، ومسؤولاً لا نظير له في عالمنا هذا، قائداً هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- فهو ملك عظيم جمع الله فيه من الصفات والخصال والسجايا ما لا يكاد يجتمع في شخص واحد، فهو أحد أنجب أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-.
فكما أنه من تلامذة الملك المؤسس، فقد عاصر جميع المدارس القيادية التي توالت على حكم المملكة العربية السعودية، وكان قريباً، ومشاركاً في رسم سياسات الدولة منذ نعومة أظافره في عهد الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمهم الله، وأجزل لهم الأجر والمثوبة- بل كان مستشاراً أميناً لهم، وصمام أمان للأسرة المالكة -حرسها الله-. وتولى مناصب قيادية في الدولة معروفة، ومسؤوليات جسيمة مشهورة، ليس المقام مقام تفصيل لها، إضافة إلى براعته في العلوم السياسية، وتضعله في المعارف الشرعية كالقرآن الكريم، والسنة النبوية، مع قدرة فائقة على التواصل مع جميع شرائح المجتمع، ومكونات الوطن، ودراية كاملة بهموم المواطنين، واحتياجاتهم، إضافة إلى إلمامه التام بالشئون الخارجية، والأمور الدولية: الخليجية، والعربية، والإسلامية، والعالمية، مما يجعل الوطن والمواطنين،، والعالم كله، يتفاءل خيراً، ويستبشر بمواصل المملكة رسالتها السامية في خدمة الإسلام والمسلمين، وزيادة الرفاهية للشعب السعودي، ورفع مستوى معيشته، وتطوير البلاد، والرقي بها في جميع المجالات والمرافق، ومساندة قضايا الأمة العربية والإسلامية في المحافل الدولية، وخدمة الإنسانية جمعاء.
ومن علامات التوفيق، والسداد أن مقامه الكريم اختار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- ولياً للعهد، وعضداً له في تحمل أمانة الدين والوطن، وخدمة المقدسات، نظراً لما عرف به سموه -حفظه الله- من مقدرة رفيعة، وإمكانات عالية، وخبرة كبيرة في المجالات العسكرية، والإدارية والمدنية، والدبلوماسية، المبنية على الدراسات الأكاديمية والعلمية، والمناصب القيادية التي أبدى فيها نبوغاً كبيراً، ونجاحاً فائقاً في المجالين: العسكري، والمدني، كما هو معروف ومشهور من سيرته الحافلة بالمنجزات.
كما أن من الدلائل على معرفة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- برجاله، أنه اختار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، وزير الداخلية -حفظه الله- ولياً لولي العهد.. فسمو ولي ولي العهد رجل من أفذاذ القادة جمع بين العلوم السياسية من خلال دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية، وبين العلوم العسكرية والأمنية، ومكافحة الإرهاب، كما أنه التلميذ النجيب لرائد الأمن الأول على مستوى العالم، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-. وقد أبان سمو ولي ولي العهد وزير الداخلية -حفظه الله- قدرة استثنائية في الإخلاص، والجد، والمحافظة على أمن المملكة العربية السعودية، وفداء دينه وأمته بنفسه.
ويسرني بهذه المناسبة العظيمة أن أتقدم بخالص التهنئة والتبريك، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله ورعاكم- ونجدد لهم البيعة والولاء على كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.. ونسأل الله تعالى أن يوفقهم، ويسدد خطاهم، ويمدهم بعونه وتوفيقه، وأن يحفظ أمن بلاد الحرمين وأمانها، واستقرارها.. وآخر دعوانا، أن الحمد لله رب العالمين.