في هذا العام الذي يمر فيه العالم بأزمة اقتصادية كبيرة، وتعاني فيه كبريات الدول الاقتصادية ضائقة مالية خانقة، أسقطت بعض الحكومات الأوروبية، وتهدد بتفكيك تكتلات واتحادات عريقة، يعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - أكبر ميزانية في تاريخ المملكة العربية السعودية بـ690 مليار ريال، بزيادة 110 مليارات ريال عن السنة الماضية، وهي ميزانية عظيمة بكل المقاييس في ظل الأوضاع المالية العالمية المتردية، فما الذي جعل المملكة بمنأى عن هذه الأزمة العالمية؟ وكيف تعمل وتتصرف في هذه الميزانية المباركة؟
والقراءة السريعة لمنهجية المملكة في التدبير الاقتصادي والمالي تجيب عن السؤال الأول، من عدة وجوه:
أولاً: إن الذي جعل المملكة بمنأى عن هذه الأزمة العالمية، هو ما أنعم الله به على المملكة من ثروات، وما أودعه فيها من خيرات، يأتي في مقدمتها الثروة البترولية، حيث تحتوي المملكة على أكبر احتياطي نفطي في العالم، يقدر بربع الاحتياطي العالمي.
ثانياً: الانطلاق من الضوابط الشرعية في كل المجالات، ومنها المجالات المالية والاقتصادية، الأمر الذي جنب - بإذن الله - المملكة الوقوع في كثير من الأسباب التي أفضت إلى مشكلات مالية واقتصادية في كثير من دول العالم.
ثالثاً: السياسة الحكيمة المالية، لحكومة خادم الحرمين الشريفين في الاستفادة من الفوائض المالية السابقة، لترسيخ قواعد الاقتصاد في المملكة، وتمتين أركانه، حتى لا يكون عرضة للاهتزازات المالية الطارئة، ويكفي أن نشير في هذه العجالة إلى التركيز على الإنفاق الاستثماري، مما انعكس على أداء الاقتصاد السعودي، وكذلك إصدار القرارات والتنظيمات التي ساهمت في جعل المملكة العربية السعودية بيئة استثمارية جذابة للاستثمارات العالمية، مما جعل المملكة تحتل مركزاً متقدماً بين الدول الجالبة للاستثمار؛ إذ تحتل المركز الثاني عشر، حسب مؤشرات مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي.
)))
وأما عن كيفية تدبير هذه الميزانية، والاستفادة منها حاضراً ومستقبلاً، فقد تضمن الخطوط العريضة لذلك الخطاب الضافي لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - معلناً فيه الميزانية العامة للدولة، وفيه:
أولاً: الاستمرار في تعزيز مسيرة التنمية المستدامة في المملكة.
ثانياً: توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين.
ثالثاً: الاستمرار في التنمية المتوازنة بين القطاعات والمناطق.
رابعاً: إعطاء التنمية البشرية الأولوية التي هي أساس التنمية البشرية.
خامساً: تخصيص الجزء الأكبر من الفائض، وقدره 250 مليار ريال، لتمويل ما صدر به الأمر الملكي بناء 500 ألف وحدة سكنية.
سادساً: تخصيص جزء من الفائض لصندوق الاستثمارات العامة؛ لتعويضه عن تمويل قطار الحرمين.
سابعاً: مراعاة النظرة المستقبلية للمالية الحكومية، وتوازنها، حيث تضمنت مشاريع جديدة، ومراحل إضافية لعدد من المشاريع التي سبق اعتمادها، تقدر تكلفتها الإجمالية بمبلغ 265 مليار ريال. ومن خلال ما تقدم تتضح النظرة الشمولية لخادم الحرمين الشريفين، ونظرته المستقبلية في تسخير ما أنعم الله به على المملكة من موارد وطاقات، لبناء هذا الوطن الغالي، وتنميته، وتطويره، ورغد عيش مواطنيه. نسأل الله أن يديم على هذه البلاد المباركة نعمه الظاهرة والباطنة، المادية والمعنوية، وأن يوفق قادة المملكة، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، إلى ما فيه رفعة الدين، وازدهار الوطن والمواطن.
وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية