مرَّت عشر سنوات منذ تولي الملك عبد الله مقاليد الحكم، شهدت بلادنا طفرة اقتصادية تمثَّلت في أكبر موازنة حكومية سعودية, بما يؤكّد أننا نسير بالطريق الصحيح نحو تحقيق الطموحات التي رسمتها القيادة الحكيمة.
ورغم كل الإنجازات التعليمية والاقتصادية العملاقة من افتتاح عدة جامعات في جميع مناطق المملكة وابتعاث الآلاف من أبنائنا لدراسة التخصصات النادرة، وإنشاء المدن الاقتصادية المبهرة؛ إلا أن الإنجازات الإنسانية تتفوّق على ذلك بكثير، حيث اتجه خادم الحرمين الملك عبد الله - رحمه الله- نحو التنمية المستدامة للفرد السعودي وحفظ كرامته ولا سيما أصحاب الدخول الضئيلة والمعدومة، وأخص بذلك الضمان الاجتماعي الذي حقق قفزات هائلة، وتجاوز المنح العابرة إلى تحقيق الاستقرار من خلال الدخل الشهري الثابت، وتوفير السكن الخيري ودفع فواتير الكهرباء وكل ما يتعلّق بمعيشة المحتاج. وحين أحدد ذلك، فلأن الملك عبد الله - رحمه الله- قد أولى الفقراء عظيم الاهتمام إيماناً منه بأننا ننصر بضعفائنا. إضافة إلى جهوده الملموسة بدعم برامج الإسكان وضخ المزيد من المال في صندوق التنمية العقارية ورفع قيمة القروض الميسّرة وتعجيلها شعوراً منه بحاجة أبنائه للسكن. وما يدعو له في الحالات الطارئة من دعم للسلع الغذائية بما يساهم في تحسين أحوال وظروف المواطنين المعيشية وتعزيز النماء والتطور الاجتماعي المنشود. فضلاً عن المساعدات الخارجية للدول المحتاجة وما تحمله من البعد الإنساني لملكنا ولبلدنا الذي يمثّل ثقلاً سياسياً ودينياً على مستوى العالم.
وما يبهج، اهتمامه - رحمه الله- باجتثاث جذور الفساد الإداري والمالي في الدوائر الحكومية، ومضيه فيه بكل صرامة، ومطالبته الشعب بالإبلاغ عن أي مظهر للفساد، ومكافأة من يقوم بذلك وحفظ حقوقه وتجنيبه مغبة الانتقام، مما يشير إلى رغبته الأكيدة بإقرار مبادئ العدالة وإصلاح الأنظمة.
وإن تحدثت عن وضع المرأة السعودية، على وجه الخصوص، فالحق أنها لم تحصل على بعض حقوقها مثلما حصل في عهده - رحمه الله- وهو ظاهر للعيان، حيث أصبحت المرأة تحمل العلم والعمل بيد وباليد الأخرى تزهو بالثقة التي أولاها لها - رحمه الله- والذي ما انفك يشيد بالمرأة في كل محفل، ويؤكّد على مكانتها في كل مناسبة. وأحسب أن حصول المرأة على مناصب إدارية وشرفية لم يكن يتحقق لولا وقوف هذا الرجل بوجه كل مخذِّل ومشكك! فاللهم ثبّت قدمه عند السؤال.
ويبقى الحوار الوطني وحوار الحضارات والأديان سمة تميّز حكم الملك عبد الله - رحمه الله- حيث أرسى قواعد التسامح من خلال إطلاق هذه البرامج الوطنية والعالمية؛ ليؤكّد للعالم أن ديننا هو دين التسامح، وبلادنا هي بلاد الحوار البنّاء رغم اختلاف الرؤى وتباين الاتجاهات.
وفي الوقت الذي نشكر ملكنا الراحل على الكرم والسخاء؛ ندعو له ونترحم عليه، فقد مازج بين العطاء المادي والندى الإنساني.