فيما تتقاسم التجارة والصناعة وزارة واحدة، يتبيّن الغبن واضحاً على قطاع الصناعة التي كانت تشترك مع الكهرباء بوزارة واحدة ثم فُصلت وانتقلت بقضها وقضيضها للتجارة، وهو ما يستوجب فصلهما الآن لوزارتين مستقلتين.
وباعتبار أنّ وزير التجارة والصناعة يقسّم اهتمامه بين القطاعين؛ إلاّ أنّ نشاطه مع التجارة أوضح وأمضى، وبرغم ذلك فقد صرح مؤخراً بأنّ إصدار التراخيص الصناعية بات إجراءً سهلاً، حيث سيتمكن المستثمر الصناعي من الحصول على الإعفاء الجمركي خلال أسبوعين، وسيتم إبلاغه بالرسائل النصية في الجوال بدلاً من المراسلات الورقية. وللعلم فالحصول على الإعفاءات الجمركية يقتضي حالياً ثمانية شهور، يا «ساتر» ! كما سيكون تأييد العمالة إلكترونياً عوضاً عن العملية التقليدية حالياً، وبشّر أنّ وزارته تسعى لتسهيل إجراءات الفسح للمصانع الكيميائية. بمعنى صعوبتها برغم أهميتها!
وما تبذله الوزارة نحو الصناعة وتسهيل الحصول على الترخيص يُعَد عملاً جيداً يُشكر عليه معالي الوزير النشط، ولكن أينها من دعم الصناعات الثقيلة والتكنولوجية التي بإمكانها استيعاب شبابنا الوطني الواعد وفتح نوافذ العمل والإبداع؟ إذا علمنا أنّ عدد العاملين بالمصانع يقارب مليون عامل غير سعودي! بحسب قاعدة البيانات الضخمة التي وضعتها الوزارة، وقدمت فيها خدمة التعرف على عدد المصانع وأنشطتها ودورها في الاقتصاد الوطني ومنتجاتها ونسب تركزها، وكذلك جهود فريق العمل الهندسي الذي يقوم بالمتابعة الإلكترونية والدورية ومدى تطور المصانع ونموها.
ولئن حفِل الوزير بوصول عدد المصانع إلى6800مصنعاً بنسبة نمو بلغت 6% في 2014م بحجم استثمارات ترليون ريال؛ فإنّ أغلب تلك المصانع هي بالواقع معامل لتشكيل الألمونيوم المستورد الرديء، ومصانع غذائية شكلية واستهلاكية لتعبئة العصائر المستوردة والسكر والملح وغيرها، وكذلك مصانع الطوب التقليدية والأخشاب الهزيلة وتحسب ضمن المصانع! وينبغي على الوزارة تصنيف الصناعات وتيسير إجراءاتها وتقديم الحوافز الاستثمارية، كالدعم للكهرباء ومصادر الطاقة وفتح معاهد تقنية ومهنية وتسهيل قبول الطلبة وتوظيفهم تلقائياً في المصانع.
وحري بالوزارة إنشاء مدن صناعية خارج المدن الكبيرة متكاملة الخدمات السكنية والتعليمية والصحية والترفيهية، ليمكن توزيع السكان ودمجهم من كافة المناطق، لتنشأ ثقافة اجتماعية جديدة تقدّر العمل الصناعي وتسعى للإنتاج ويتم التجانس الاجتماعي بينهم، أقول هذا من منطلق تقديري للجهد الكبير الذي يبذله الوزير الربيعة ليغيِّر من الانطباع عن الواقع القديم في مجاليْ التجارة والصناعة.