بيروت - منير الحافي - «الجزيرة»
في أزمة الحدود مع سوريا، يُسأل وزير الشؤون الاجتماعية. وفي أزمة المساعدات للنازحين، يُرجع إلى الوزير المعني. أما في موضوع طرابلس، فالأنظار تتجه أيضاً إلى الوزير- النقيب (نقيب المحامين سابقاً) رشيد درباس. تسأله في السياسة، فيرد عليك «بأدب» ذلك أن أدبه يغلف إجاباته السياسية، وهو الأديب من جهة، ومن جهة أخرى، هو السابر لتجربة وطنية وقومية لها تاريخ طويل في مدينته طرابلس عاصمة لبنان الثانية. بعد تفجير جبل محسن الأخير، وهي المنطقة ذات الغالبية العلوية، توجهت إليه «الجزيرة». كان حديثا في أوضاع طرابلس، والإجراءات الحدودية مع سوريا التي أزعجت السفير السوري في لبنان، وفي الحوار الجاري حالياً بين فرقاء لبنانيين، وفي المساعدات الدولية والعربية للبنان. وفي ما يلي نص الحوار.
* معالي الوزير، اسمح لنا أولاً أن نبدأ بما جرى من تفجير في مدينتكم طرابلس، وتحديداً في منطقة جبل محسن الأحد. كيف تعلقون على ما جرى، بعد خطة أمنية بدأ تنفيذها في المدينة، وهل انتهت مفاعيل التفجير؟
- أنا أعتز أنني ولدت في مدينة طرابلس وتلقيت دراستي فيها وشممت عطر ليمونها، فملأ صدري حتى الآن رغم غيابه بعد قطع أشجارها، ولكنني في هذه اللحظة أشعر باعتزاز كبير أنني ابن هذه المدينة وأنتمي لها، وممثل لها في الحكومة، أشعر في هذه اللحظة أنني ابن حقيقي لجبل محسن الشامخ الذي تعالى على الجراح وتخطى الأزمة وأنقذ طرابلس وأنقذ لبنان من مأساة كبرى. إنني أعزي كل فرد من جبل محسن وأضع نفسي في صفوف العزاء لأتلقى التعازي أيضاً. فهؤلاء الرجال الذين عانوا كثيراً من الظلم ومن الفقر، ومن استغلالهم لكي يكونوا وقوداً لحروب عبثية، اثبتوا أنهم فعلاً أقوى من المأساة، ولقد كانت الجراح بالنسبة لهم مناسبة ليبلسموا جراح طرابلس. إنني في هذه اللحظة أرى أن بعل محسن قد أصبح اسمه البعل الخصيب لأنه مروي بالدماء، ولأن أحزانه قد ورفت أشجاراً وثماراً. لقد استطاعت طرابلس بفعالياتها ومجتمعها وناسها أن تتلقف الضربة وأن تمتصها. ولقد قام وزير الداخلية نهاد المشنوق الشجاع، بزيارة موقع الانفجار، وسيطر على الوضع، وأعلن أن الرئيس سعد الحريري يعتبر بعل محسن بقعة غالية وثمينة من طرابلس ولبنان. فتولى (الحريري) مثلما فعل سابقاً في عرسال والتبانة (في طرابلس) أمر ترميم الأضرار التي حدثت والتعويض على أهالي الشهداء. وهذا لا يستغرب عن سعد الحريري.
* كيف تقيمون ما حصل من عملية أمنية في سجن رومية، أعلن أنها مرتبطة بتفجير جبل محسن؟
- هذا يُحسب لوزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي أوصلته حادثة بعل محسن إلى الخيوط التي أوصلت القوى الأمنية إلى البؤرة التي أعطت الأمر بالانفجار، وهي موجودة في سجن رومية. لقد قامت القوات اللبنانية المشتركة بدهم المبنى المارق الخارج عن النظام في السجن وأنهت المسألة وأعادت الأمور إلى نصابها. وهذا يدل على أنه رغم أن الغادرين يختارون الأوقات ويباغتون الضحايا ولكنهم لم يستطيعوا أن يمتلكوا زمام المبادرة. لقد أثبتت الدولة اللبنانية أنها هي التي تملك زمام المبادرة، وهي امتصت الحادث وتصدت لحالة النشاز والشذوذ الموجودة في سجن رومية، وأعتقد أننا الآن في منطقة الأمان، ولكن علينا أن نتوخى الحذر وأن نكون في غاية الانتباه وأن ندفع الحوار (بين اللبنانيين) إلى نهايته. أنا أظن أن هذا الانفجار هو رد على الحوار، وأعتقد أن الحوار هو الذي سيُفشل نتائج الانفجار.
* تتحدثون عن الحوار الذي يجري بين تيار المستقبل وحزب الله، والحوار المنتظر بين جعجع وعون. إلى أين يمكن أن يوصل «الحواران»؟
- أنا كنت أتمنى أن يبدأ الحوار قبل ذلك بكثير، وذلك اعتماداً على البصيرة السياسية وعلى حسن الرؤية، ولكن التوتر العالي الذي كان يضرب الحالة السياسية كان يحول دون الإقدام على خطوة ايجابية. أنا لا أنسى أن الرئيس سعد الحريري قد أعلن من أمام المحكمة الدولية التي تنظر في اغتيال والده أنه جاهز للدخول في حكومة واحدة مع حزب الله، ولا أنسى أنه في عز الأزمة وقف وتجرأ وقال : «أنا أمد يدي». وكانت هذه اليد الممدودة في الفراغ سابقاً، قد وجدت يداً أخرى تمتد إليها. علينا إن ننتهز ونلتقط هذه اللحظة. ولكنني أتذكر أنني قلت لرئيس حزب الكتائب أمين الجميل بعدما أُعلن أن حواراً بين تيار المستقبل وحزب الله سيتم، قلت له: يا فخامة الرئيس أطلب إليكم أن تقتحموا هذا الحوار لكي تكونوا شركاء فيه، وإلا فإنني أطلب أن تنصبوا حواراً موازياً، لكي ننصب في ما بعد جسراً بين الحوارين يُفضي إلى سدة عالية، هي سدة الرئاسة.
* هل سيؤدي الحوار إلى انتخاب رئيس؟
- أنا لا أظن أن الحوار بين حزب الله والمستقبل سيؤدي إلى تسمية رئيس، وإلا فإن عسل الدنيا لن يزيل مرارة المسيحيين ولو اختاروا لهم شخصاً «كامل الأوصاف». لذلك أنا أرجو من القوى السياسية المسيحية أن تتولى الأمر بجدية كبيرة. أظن أننا لم نصل إلى هذه النقطة الحوارية، بعد نقد ذاتي أو مراجعات، ولكننا وصلنا إليها بعد أن أصبح الخطر على الأبواب. أنت ترى الآن هذه المحاولات التي تقوم بها العصابات الإرهابية، سواء كانت في جرود عرسال أو في داخله. إنهم يريدون أن يجرّوا لبنان كي يصبح جزءاً من حقل رمايتهم وجزءاً من المصيبة التي تعصف في سوريا. الوسيلة الوحيدة لصده أن تكون لدينا دولة قوية. أضرب لك مثلا بسيطاً. الإرهابيون هم من الهشاشة والضعف بمكان، أنهم فشلوا بأن يصبحوا حالة سياسية أو جزءاً من الحالة السياسية اللبنانية العامة. حاولوا في السابق أن يتموضعوا ففشلت مواضعهم واندحرت. الآن يلجأون إلى الحالة الفردية والضرب في أماكن غير متوقعة. هم يستطيعون أن يصبحوا أقوياء عندما يجدون مفاصل رخوة يستطيعون أن يتسربوا منها . إذا كنت أنت في مركب في البحر، عليك أن تتأكد أن الألواح قد شُدت إلى بعضها في صوامل قوية، وإلا أي ارتخاء في هذه الصوامل قد يؤدي إلى تسرب الماء إليها، وهذه اللحظة التي نستطيع فيها أن نتجاوز خلافاتنا وأن نحافظ على دولتنا. مثلنا في هذا كمثل فريقين أو عدة افرقاء من فرق كرة القدم، فربما يخرجون عن قانون اللعبة ويضربون خلافا للأصول ويتعرضون لبطاقات صفراء وبطاقات حمراء، وقد يضربون الحكم، وفي كل الأحوال يستطيعون أن يفرطوا بكرة القدم وبالحكم وباللاعبين، ولكن ماذا يفعلون إذا حصل التفريط في هذا الملعب؟ علينا أن نحافظ على هذا الملعب، هذا الملعب أي الدولة اللبنانية بحاجة إلى حَكَم، أي رئيس الجمهورية، وبحاجة إلى جمهور، أي الشعب، يجلس في المدرجات، مطمئن البال آمناً. وهو بحاجة إلى مدربيين وبحاجة إلى إدارة، هذه هي الدولة اللبنانية التي رغم كل ما تعرضت له منذ أكثر من أربعين عاما مازالت دولة واقفة على قدميها.
* لماذا برأيكم بقيت الدولة اللبنانية رغم كل ما جرى في لبنان من حروب ومشاكل مختلفة؟
- الحقيقة، هناك دول مركزية وقوية لم تحتمل أي اهتزاز بسيط حتى تضعضعت كما يتشتت الخزف. والدولة اللبنانية رغم كل شيء مازالت قوية. مازالت ليرتنا صامدة ومصارفنا قوية وجامعاتنا ومستشفياتنا هي ارقى المستشفيات وصحافتنا وإعلامنا مضرب مثل. هذا يدل على أن النظام «الديمقراطي» - بين مزدوجين- مازال صمام أمان لأي دولة. هذه دولة ثمينة، علينا ألا نفرط فيها.
أنا شخصيا كشخص مارس السياسة وقتاً طويلاً من الزمن لدي الجرأة والشجاعة أن أمارس نقدا ذاتيا وأقول: لقد أخطأنا كثيرا بحق لبنان. القومية العربية كانت بحاجة إلى لبنان، ولكننا ظننا أنه إذا قدمنا لها لبنان ضحية، ستزدهر. لبنان إذا كان ضحية، لم يكن ليحيي القومية العربية، ولقد سقطت القومية العربية فعليا وحيويا ودينامكيا. لبنان، شرفة للعروبة مطلة على العالم. هو حقل ينمو فيه التعايش بأبهى صوره. أنا متأكد تماما أن في عمق كل مسلم منا ثقافة مسيحية، وفي عمق كل مسيحي منا، ثقافة إسلامية، بل أقول إنها الثقافة العربية اختزلت هذه الحضارات على مر الزمن، ولذلك فانني أرى انه لا مجال إلى الذهاب إلى ابعد ما ذهبنا إليه. علينا أن نعود بجرأة وشجاعة ونمارس النقد الذاتي. لا نتخلى عن عروبتنا ولا نتنكر لها. ولكننا كما قال الرئيس سعد الحريري، نؤمن بـ»لبنان أولا». كما يقول كل مواطن في أي دولة عربية، سوريا أولا، ومصر أولا.. الخ. وهذا كله يؤدي إلى أن العروبة أولا، العروبة ليست نقيضا للوطنية. العروبة هي محصلة هذه الوطنيات.
* بالانتقال إلى الموضوع الذي يشغل الإعلام هذه الأيام. موضوع دخول السوريين إلى لبنان، وما يحكى عن خلاف بينكم كحكومة لبنانية، وبين الحكومة السورية. هل حلت المسألة؟ هل تم توضيح الأمر بأن دخول السوريين ليست مطلوباً بسمات؟
- يقول أحمد شوقي أمير الشعراء:
إلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما
وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ
وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما
هذه زوبعة في فنجان لم أر مبرراً لها على الإطلاق. المسألة ألخصها كما يلي، ومن المفيد أن يطلع الإخوة العرب ولاسيما الإخوة السعوديين على حقيقة الموقف اللبناني. عندما وصل الرقم الرسمي المسجل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين السوريين إلى مليوني ومئتي ألف لاجئ سوري، كان هذا مؤشراً إلى أن النسبة قد وصلت إلى ثلث الشعب اللبناني. وإذا أضفنا إلى ذلك، غير اللبنانيين المقيمين، لأصبحنا أمام رقم مرعب هو: مليونان غير لبنانيين، على أربعة ملايين لبناني! هذا غير مسبوق. وإذا أضفت لك، إن التصنيف العالمي للبنان قبل اللجوء لجهة بلدان تتقبل لاجئين كان رقم 63، والآن التصنيف هو رقم 2 بعد تركيا، فلك أن تتصور ما هو حجم المأساة.
لكن في موضوع «النسبة» نحن أكثر بلد في العالم والتاريخ، قبل لاجئين. يعني الرقم التركي هو مليون وخمسمائة على عشرات الملايين من السكان. نحن على أربعة ملايين! لقد قلتُ لمسئولة الشؤون الإنسانية واللاجئين في الولايات المتحدة الأميركية، آن ريتشرد، وهي برتبة نائب وزير، قلت لها: مثلنا مثل مئتي مليون مكسيكي يدخلون فجأة إلى الولايات المتحدة الأميركية مع فارق المساحة الشاسعة عندكم. نحن نسبة الكثافة السكانية في لبنان أصبحت 570 شخصاً في الكيلومتر المربع الواحد . أمام هذه الحالة شرحت هذه المسألة بتفاصيلها لرئيس الحكومة تمام سلام، وقلت له: إنني بصدد إعداد ورقة عمل. وقال لي أنجزها واعرضها علي. أنجزتها وعرضتها عليه، فعرضها على اللجنة الوزارية المصغرة. أدى هذا الاقتراح إلى وقف النزوح لأن الكأس لم يعد يحتمل نقطة إضافية. وثانيا إن النزوح لم يعد لازماً. لماذا؟ لأن جميع المناطق السورية التي تدور فيها معارك والمحاذية للحدود اللبنانية لم يعد فيها مدنيون. لأن في المواجهات الأولى والثانية، رحل من رحل إلى لبنان، والبعض القليل بقي صامدا في الداخل السوري. وإذا فتحنا حدودنا الآن، نحن نصبح أمام احتمال من اثنين. إما أن يدخل المقاتلون، وهذا لا يرضى به احد، وإما يأتينا اللاجئون من أقصى سوريا، وهم الأقرب إلى دول أخرى، ويقطعون مئات الكيلومترات ليصلوا إلينا. وهذا غير عادل وغير منصف، خاصة وان إجراءات قبول النزوح الموجودة في تركيا وفي الأردن والعراق أيضا نحن لم نستعملها. ربما لا يعلم كثيرون أن هناك حالة ضبط للاجئين في كل من تركيا والأردن، أما عندنا فاللاجئ السوري يستطيع إن يجول لبنان من شماله إلى أقصاه وينتقي مكان إقامته ويقيم المخيمات العشوائية.
أمام هذه الحالة، وعندما قررنا وقف النزوح ابلغنا وزارة الداخلية أن تنفذ هذا الأمر. ووزارة الداخلية كلفت الأمن العام، والأمن العام طبع استمارة للدخول ووضع فيها خانة «سبب الدخول». فقط هذا الذي حدث. إذا هي ليست تأشيرة وليست فيزا ولا تطلب من خلال باسبور، وبطاقة الهوية كافية، ولا يطلب تقديمها في السفارة، بل تعطى فورا على الحدود. ولكننا نسأل القادم عن سبب الدخول. فإذا كان سبب الدخول نزوحا نقول له: آسفون، إلا في الحالات الطارئة الإنسانية كالطبابة، أو كحالة ولد عمره اقل من ستة عشر عاماً يريد أن يلتحق بأهله هنا، أو رجلا كبيرا في السن أهله هنا، أو مريضا لا يستطيع أن يتطبب إلا هنا. شيء من هذا القبيل. وهذا مناط بوزير الشؤون الاجتماعية البت فيه. أما إذا كان السبب غير النزوح ففي غاية البساطة يستطيع أن يأتي ومعه سبب دخوله. يريد أن يلتحق بمدرسة فليرينا كتاب القبول وإذا أراد الذهاب إلى السفارة فنحن نسمح له باثنتين وسبعين ساعة. وإذا أراد العبور من المطار فنسمح له أيضا باثنتين وسبعين ساعة. وإذا أراد العمل، لا بد من إجازة عمل أو كفيل، وإذا أراد الطبابة فلا بد من تقرير طبي. فهل هذه مستلزمات صعبة الحصول عليها؟ انه يحضرها معه من أين أتى. هناك من قال لي: إن هذا يطعن بمعاهدة «الأخوة والتعاون» بين لبنان وسوريا، وهذا ما ألمح إليه السفير السوري هنا. أنا مستغرب من موقف السفير السوري الذي أعطى موقفين: الأول عندما قال: إن هذه الإجراءات جيدة، وقد حسّنت الأوضاع. وبعد ذلك تغير كلامه! الحقيقة هذه الإجراءات اتخذها الأمن العام اللبناني الذي هو جهاز موثوق من قبل الحكومة السورية. علما أن مدير الأمن العام قد كلف بمهام غاية في الدقة وقد نجح فيها. وهذه اجراءات تقوم بها أي دولة. أنهم يستضعفون لبنان. ليس لهم الحق أن يستضعفوا هذه الدولة التي تريد أن تتخذ تدابير جدية.
في السابق الحكومة، كانت قد تركت الأبواب على مصاريعها مفتوحة وكان الدخول إلى لبنان مرهوناً بتوقيع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. آن لنا أن نمسك على الأقل زمام حدودنا. وإدارة الحدود مسألة سيادية ومعاهدة التعاون لم يلحظ فيها أن مليوني سوري، سيأتون إلى لبنان. هي ليست مدرجة في بنود المعاهدة حتى نجد حلا لها. لقد أتت من خارج السياق، وبالتالي نبحث عن حل لها من خارج السياق. الأمر الآخر، أنه قبل ذلك، أغلقت الحكومة السورية الحدود ومنعت دخول الشاحنات إلى سوريا من لبنان، وكانت المعاهدة موجودة، وقلنا هذا عمل سيادي هي مسئولة عنه. إنها إجراءات إدارية بحتة، المقصود منها التفريق بين اللاجئ وغير اللاجئ وهي ليست سياسية ولا تستهدف أحدا، ونحن نريد أن نبقي على علاقة طيبة مع الحكومة السورية، ونريد أن يعرف الجميع أننا بهذه الأفعال لا نلغي المعاهدة، فهذا ليس من صلاحياتنا ولا من شأننا، هذا تقره الدولة اللبنانية مجتمعة بمؤسساتها.
* هل من الممكن أن تقبلوا التنسيق مع الحكومة السورية كما يطالبكم السفير السوري؟
- إذا كان المقصود التنسيق السياسي والأمني، فكما استُبعد موضوع إقامة المخيمات على الحدود لأن فريقاً سياسياً (حزب الله والتيار الوطني الحر) رفضه، فإن موضوع التنسيق الأمني والسياسي سيستبعد لان فريقاً آخر يرفضه. عدا ذلك، أعلنت أنا أنني جاهز أن أنجز بثمانٍ وأربعين ساعة برنامجا للتعاون مع الحكومة السورية إذا كان موضوعه استعادة من يرغب من السوريين نحو الأراضي السورية. إذا كان للحكومة السورية برنامج لاستعادة هؤلاء برغبتهم، خاصة إذا وُجدت في سوريا مناطق آمنة تحت سيطرة الدولة السورية، فإننا سنؤمن لهم الحافلات ومراكز الإيواء المؤقت والطعام ونعفيهم من الرسوم والغرامات، ونعطيهم السلامات والتحيات. ماعدا هذه، فإن هذه دولتنا وهذا حدودنا، فإن أردت أن تطاع فاطلب المستطاع.
* هل أنتم راضون عن المساعدات العربية للاجئين السوريين؟
- الواجب يقتضي أن أتكلم بالحقيقة كما هي في اقل من شهر كنت في مصر وزرت الأمين العام لجامعة الدول العربية، وقلت له عندما أنشئت جامعة الدول العربية غنت أم كلثوم أغنيتها الشهيرة التي تقول فيها للملوك والرؤساء الذين شاركوا وهم سبع دول: «بنوا العروبة هذا القصر كعبتنا وليس فيه من الحجاج مغترب «. الآن أنا أقول لبني العروبة، إن هذه الأزمة القومية العربية يعالجها المغتربون أي المجتمع الدولي، ليس بمستواه السياسي وإنما بمستواه الاجتماعي. إن هذه المنظمة ستقدم للاجئين خياما وطعاما معلبا ووقوداً وأغطية وغيرها، ولكن لن تصون الملامح العربية في الوجود، ولا اللون الأسود في مآقي العيون. إنقاذ العروبة أمر عربي ولذلك اقترحت أن يكون هناك برنامج اجتماعي عربي مشترك على تماس مع البرامج الدولية من اجل صون الديمغرافيا العربية الآن بفعل الأحداث السورية، لأن الديمغرافيا العربية عندما تصونها، تكون بذلك تصون الجغرافيا، فالديمغرافيا هي مرساة الجغرافيا. فإذا رحل أهل الأرض عنها فلك أن تتخيل إن طامعين كثراً سيأتون إليها ويحتلونها. من هنا أنا لا أنكر فضل الإخوة العرب على لبنان، يكفي أنهم يصونون الاقتصاد من الانهيار ويستقبلون أبناءنا على الرحب والسعة. أتكلم هنا عن الخليج والسعودية خصوصاً. وبالأمس القريب حدثني سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري وقال :نطلب منك إن تسمح لنا إن هناك من تبرع وهو لا يريد أن يذكر اسمه وقد تبرع بكمية من المساعدات ويريد إن تكون تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية وأنا اعتززت بهذه الثقة. كما قدم القطريون مساعدات مشابهة.
* ماذا توجه للمملكة في ختام اللقاء؟
- أنا أقول: إن المملكة التي لطالما نظرت إلى لبنان نظرة أخ يحتاج إلى العناية، أقول: لا ننسى أفضالكم. ولكننا وعملا بالقول الحكيم: «لئن شكرتم لأزيدنكم « نحن نطلب مزيداً من الرعاية العامة التي تأتي من ضمنها المساعدات. نحن نريد أن نقول لإخوتنا في المملكة، إنه رغم كل شيء، مازلنا دولة صمدت في وجه الأعاصير والعواصف. وهي حاجة عربية وهي حاجة إنسانية، وهي تراث ثمين جداً لا يجوز التفريط فيه.