مشهد
المطارق تدق.. صوت تناثر الحجارة يسمع بوضوح.. بائع متجول ينادي على بضاعته.. الزقاق يبدو شبه خال.. في نهايته أطفال يتراكضون بصراخ.. الدراجة الهوائية التي مرت مسرعة.. تحمل خبزا ساخنا.. رائحته أشعرتني بالجوع.. جاري الذي باع داره قبل أسبوع.. جلب لي الصداع.. من كثرة الطرق الذي لا يتوقف.
أضواء
الحديقة الأمامية للدار مضاءة بمصابيح لا حصر لها.. تطلعتُ إلى السماء المعتمة.. سعيت إلى أن النجوم بأصابعي.. لأنها حضرت جالبة معها القمر.. لتُخبرني: أنها لم تجد إنسانا.. يضيء المساء مثله.. وأشارت صوب نافذة لم تغلق رغم انقضاء الليل.
مشهد2
في نقطة التقاطع ثمة نشرات ضوئية.. تتمهل العربات بالعبور.. نظرات الأشخاص الجالسين بإهمال على الرصيف.. تترصد العابرين بحسدٍ مقرف.. ريثما أمر من هناك.. يكون لصوتك الخافت داخلي حضور.. مع زعيق الأبواق المزعجة.. فتصمت كل احتجاجاتي.
إفاقة
صياح الديّكة.. الرابضة فوق الأسيجة.. ينبئ بحضور الصباح.. علامات المرور تضيء فجأة.. تتحرك السيارات في الجانب المقابل.. أبقى منتظرا ريثما ينزل المطر.. يتبلل الهواء بعطر البارحة.. يستمر بائع الجرائد مهرولا.. بينما يظل شرطي المرور يحرك يديه بلا توقف.. عندها تستفيقين داخلي سوط ضوء مُحَيّر.
تأمل
صوت الدراجة البخارية يزعق في الشارع الفرعي.. سائقه يبدو منتشيا.. النسمات الباردة تعطيني شعورا بالراحة.. أفكك غيمة تهيؤات ساخنة.. وجنة الساحة الواسعة تغازل شاشات الإعلانات المضيئة.. ما بين أن اقتنص فكرة الوصول إليك.. وأن أعبر إلى الضفة الأخرى.. عالمان تفصلهما نجمة لا تخبو.. ترفل بأنفاس مدهشة.. تتمايل الأغصان.. لتعاود العصافير بالطيران مفزوعة.. في البيت أسمع زوجتي وهي واقفة أمام باب المطبخ تقول: هذه الغيمة ماطرة.. مرة ثانية يعود صوت الدراجة ينفجر في وجه هواء مبلل.. ليتركني وسط انفعالات مضطربة.. فيما السقسة تملأ الأجواء بدون كلل.
فكرة
البارحة اكتشفت فكرة.. دارت في رأسي كذبابة تطُن بلا توقف.. الشاشة الزرقاء مفتوحة.. نقرات الأصابع تحيل بياض الصفحة حروفا سوداء.. الشاي الساخن يفتح في تجويف الرأس فتحات متشظية.. الولد الصغير يطلب الطعام.. تسهو الأصابع فتمحو كل الكلمات.
رؤية
السماء تهمي.. الأحلام تتقافز مثل الكرات.. سيول المياه الصغيرة تحمل أوراق الجرائد.. في الطرف الآخر عرق ينبض بالتودد.. تختفي الطيور من الساحات.. ليس هناك سوى بوق سيارة تمضي نحو المجهول.. وتكونين أنت اختصار لكل الوجع.
- صالح خلفاوي