نشرت مقالة بعنوان (على ذاكرة الأسى.. رسالة لكل مبتعث)، لقد وجدت في أبجدية الأحرف حروفا يكاد الأسى يعتصرها (و-ط-ن)
فلفت انتباهي. وشدني إليها بحبال الحزن ليل طويل..
كلمة «وطن» وإن لم ترد في القرآن بصيغتها الثلاثية هذه فإن مدلولها أو مفهومها الأساسي ورد في صيغة الديار والدار.
هو الوطن -دائما- روح الشعر وأجنحة الحروف، هو شراع المراكب ونجوم الشعر.. هو تراب بلدي الحبيب.. غالي الثمن لن أبيع..
قلمي هواجس وطني.. ألمي وحزن خواطري من داخلي ومن داخل كل غيور من أبناء وطني...
من جوف أعماق الشعورْ... يتولد الإعصار.. تنزف من مآسينا الزهورْ..! من دواخلنا... تتفجر الآهات...
تحترق القنادلْ...!
جاء مقتل الطالب المبتعث محمد البادي، على يد طالب سعودي لكن المؤسف أن القاتل كان في حالة سكر شديد، قام بدهسه ليموت محمد على الفور، وسط ذهول أشقائه ومن كانوا معه في الشقة.
القصة محزنة جداً، فالجاني والمجني عليه مبتعثان سعوديان، ذهبا على حساب الدولة لإكمال دراستهما الجامعية، ولكن للأسف هذا ما حدث.
وبعد أيام قليلة من مقتل البادي يفيق المجتمع السعودي على صدمة أخرى بالقبض على ثلاثة طلاب سعوديين بتهمة اغتصاب شاب في أمريكا.
من وجهة نظري، هل هو عدم وعي المبتعثين على حساب الدولة بأهمية الدراسة، وبأنهم يحملون مسؤولية كبيرة أهمها المحافظة على أنفسهم؟
لا شك، أن أعداد المبتعثين كبيرة للغاية، ولا يوجد هناك حرص تلقائي من الأسرة التي تقوم على ابتعاث أبنائها في عمر مبكر للغاية، غير مدركة أهمية وجودها وتواصلها الدائم معهم.
وبين كل هذا وذاك إن حب الوطن يتمثّل في شخصك وأنت خارج الحدود، أنتم إخوتي الطلبة والطالبات تمثلون الوطن بكل ما يحمل من حضارة ودين وقيم إنسانية ومبادئ أخلاقية وأصالة.
إن التعايش والاحتكاك مع مواطني الدول التي تتعلمون بها يتطلب منكم الصدق والأمانة والمعاملة الحسنة وإظهار القيم الإسلامية بجلاء، ولا أنسى كلمات والدنا وقائدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله-:
(أبنائي وبناتي الأعزاء: إنكم سفراء الوطن? تمثلونه بأخلاقـكم وقيمكم التي نستمدها جميعا من ديننا، لذلك أوصيكم بأن تكونوا على قدر المسؤولية سلوكا وتعاملا، ولا يساورني أدنى شك -إن شاء الله- بأنكم تدركون ذلك، وأنكم خير من يمثل وطنه وأهله).
كلمات قائد حكيم سطرها بعبارات بسيطة لكنها تحمل في طياتها الكثير والكثير لمن يتأمل.
هـذي حروفي فيكم تزهو وقلمي فيكم قد زاد افتخاري ووجهي قراءةُ حزنٍ غالبتْ عطشي يحكي لنزفِ يدي قانون إصراري بأننا جميعا سفراء الوطن، لا شك أن الجوع إلى الوطن شعور مخيف موجع يظل ينخر فيك من الداخل ويلازمك، ولهذا نحن لا نشفى من ذكرياتنا، ولهذا نحن نكتب، ولهذا نحن نرسم لغد مشرق.
موسى صويمل الرشيدي - مبتعث - المملكة المتحدة - مانشستر