قال لي: دائماً تنظر المرأة إلى واقعها وكأنها مسلوبة الحقوق. لماذا؟
قلت: لأن ذلك هو الواقع فعلاً وليس فقط في مجتمعنا. لكنها ظاهرة أوضح عندنا من المجتمعات الأخرى. لأن بعضهم وبعضهن يكرس معادلة مجتمعية ترسخ ضعف المرأة وتتقبل اتكاليتها.
في الواقع البيولوجي هي إِنسانة خلقها الله بكل القدرات العقلية والذهنية وتزيد عن الرجل ببعض القدرات الجسدية التي لا يملكها؛ وهي ليست شرعاً أقل مسؤولية لكنها مجتمعياً وعُرفاً ما زالت تكافح لتنال الاعتراف بقدراتها. هي أقل حقوقاً من الرجل مهما تعلمت وتدربت وتأكدت أنها تستطيع أن توازي أخاها المتعلم المتدرب بل قد تبزه إذا تمتعت بمواهب متفوقة؛ فهل نستغرب أن تنظر إلى واقعها بشفافية، فترى نفسها مسلوبة بعض الحقوق التي ضمنها لها الشرع وأكدتها مؤسسات حقوق الإِنسان في كل العالم المتحضر؟ حقوق لا يرفض استحقاقها لها إلا من لا يفهم الشرع كما يجب، ولا يدرك معنى السواسية في الإِنسانية؟ لماذا نرى بعضهم يصر على استمرارية ألا تملك حرية الحركة وحرية الاختيار وحرية المشاركة في الحياة العامة؟
وحين يسأل المناوئون لفكرة تغيير أوضاع المرأة وبرغبة تعجيزية: أين تجد المرأة نفسها، في المنزل أم في المشاركة في عملية الإصلاح والتنمية؟ يجعلون من أحد الموقعين مناقضاً نافياً للموقع الآخر. من قال: إن مشاركتها في عملية الإصلاح والتنمية تعني فشلها في دورها في المنزل. ولماذا دور المنزل لا يشارك فيه أخوها وزوجها حتى وهو لا يعمل أو يعيش على الضمان الاجتماعي؟
وأعود إلى الجانب الأهم من السؤال التعجيزي:
لنتفق أولاً عن أي امرأة نتكلم؟ وعن أي رجل؟ فليس كل امرأة تعشق دورها المنزلي ولا كل امرأة تطالب بحق المشاركة. ولا كل امرأة تطالب مؤهلة لحمل هذه المسؤولية أو تلك. المرأة المؤهلة الواعية لكل قدراتها والراغبة في حمل المسؤولية ترى نفسها قادرة على العطاء والإسهام في المنزل وفي الحياة العامة. وهناك من لا ترغب في أي مسؤولية داخل الجدران وخارجها وتفضل أن ترتاح وهناك من يقوم بكل ما تحتاج كما تطلب.
والرجل أيضاً ليس بالضرورة أنه يختار دور المسؤولية أو يستحق الإعجاب والشكر على حسن القيام بفرضيات دور القوامة. هناك من لا يرغب في تحمل أي مسؤولية بما في ذلك مسؤولية الأبوة عن أبنائه أو القوامة على زوجته. وكل ما يهمه إرضاء متطلبات دور الذكورة ولذلك فهو يفضل المرأة في المنزل مسياراً وفي العمل تصرف على نفسها. وهؤلاء ليسوا شواذاً ندرة بل فتح لهم الباب على مصراعيه فدخلوا.