كرة القدم هذه اللعبة الشعبية العالمية التي أشغلت العالم هي ليست وليد اليوم بل هي امتداد للماضي ومنطقتنا العربية جزء منها ومع ذلك كانت الثقافة الكروية ثقافية لفظاً وتعلما محترمة وواعية، وبنفس الوقت هي ناقدة وواصفة للأحداث بدقة وفق الإمكانيات المتاحة عند «جيل الطيبين» هؤلاء الطيبون يتمتعون بذوق عام لكرة القدم بالذات أجمل تمتع من جيل «التواصل الاجتماعي» ولها لذة في المتابعة وتجيء الاوصاف في التعبير عن الكورة ولعبتها أجمل من تعليق في صحيفة بالوقت الحاضر، حقيقة استمتعت (ليوتيوب) غنائي لفنان الأحساء عيسى الاحسائي من كلمات الشاعر الكبير علي القحطاني ذكر فيه أجمل وصف عن الكرة في كأس العالم والتي كانت البرازيل رائدة لها في تلك الفترة الجميلة وذائعة الصيت عندما حصلت على كأس العالم عادت هذه العبارات الذكريات وهيضت الأحاسيس فقد كانت أجمل ما بدأ فيه هذا الشاعر السعودي الكبير هو تشبيهه بتلاعب محبوبته بمشاعره العاطفية وقلبه وإحساسه مثل تلاعب لاعب البرازيل في تلك الحقبة من الزمن الكروي التي شهدها العالم وهو للاعب «بيليه» بالكرة فقال:
لعبي وليفي لعب كوره ضربها بليه
وسجل بها فوز البرازيل في الدوره
والدورة هي (نهائيات كأس العالم) كما يطلق حاليا وقد كانت عبارة الدورة هو المصطلح الدارج على الألسنة في تلك الفترة لكن ما يثير الانتباه هي التقنية للفظية للشاعر في تحديد سرعة الكرة نتيجة ضربها بالقدم والتي أحرجت حارس المرمى في عدم قدرته على الإمساك بها نتيجة سرعتها التي حددها بمقياسه اللفظي والتقديري والذي يملكه من منظورة القريب والمتناول نظراً لأن التقنيات الأخرى التي بدأ تطبيقها في تحديد سرعة الكورة المقذوفة بالقدم (بالكيلو متر) والتي بدأ تطبيقها منذ فترة بسيطة في الملاعب نتيجة تقدم التقنيات القياسية والتصويرية في العالم لكن الشاعر القدير قال:
وقف حارس المرمى يبي مسكها بيديه
ومرت مثل صاروخ من بطن فنتوره
ولا حارس المرمى من اللي قدر يحميه
تجيه الكور من ضربة الرجل مسحوره
بمعنى أن سرعة الكرة مأهولة لدرجة التشبيه بما كان متوفر في تلك الفترة وهي (الصواريخ) التي كانت جديدة على الساحة القتالية في العالم، وقد كانت هذه السرعة نتيجة الضرب (برجل مسحورة) كناية عن القوة الخارقة ولم يقل رجل حديدية أو غيرها من الأسماء التي تدل على القوة والتي دفعتها حتى أن (دفاع الخصم) لم يستطع أن يحمي حارسه من هذه الضربة الموجعة مما كان له الاثر الكبير في الجهور الذي حضر للملعب في تلك المباراة والتي لا شك أنها تنقل بوسائل النقل التلفزيوني المتوفرة ونتيجة لذلك:
وصفق له الجمهور يا(بليه) عاش بليه
وعشرين ألف اللي خذوا للبطل صوره
وهذا يعيش له وهذا وقف يدعيه
ومليون متفرج من الناس جمهوره
فكانت وسائل الإعلام تصور بطريقتها الخاصة فحدد عدد المصورين اللذين التقطوا صورته في تلك المباراة بلغ (20) الفا وأما المتفرجون على مستوى المحلي من جمهور هذا اللاعب هو مليون شخص، قد تكون خلف الشاشات في المملكة في تلك الفترة, لكن دقة التوصيف وجمال العبارة والتوازن في التشجيع يجعل تلك الحقبة من الطيبين أجمل حقبات التمتع بالحس الرياضي لأنها كانت الرياضة المحببة التي تتناقلها العالم عبر شاشات التلفزة، ومما يؤكد على ان (الأخلاق الرياضية تسمو فوق الجميع) عندما طلب منه ان يحدد لاعبين غير (بيليه) كان يخاف أن ينعكس هذا سلباً على اللاعبين لأن مقارنة مثل هذا اللاعب بغيره تعتبر حالة من ضرب الخيال لكن الكلمة الطيبة في الإعلام الرياضي من شاعر رياضي وعاطفي واجتماعي كبير مثله كانت أرق العبارات التي سمعناها شعرا ونتمنى ان نقرأ مثلها وأحسن منها من كتابنا الرياضيين الحاليين وشعرائنا المبدعين قال مخاطباً الجمهور الرياضي واسمعوا العبارات الجميلة:
قالوا لي اذكر لك (لواعيب) غير بليه
وأنا خايف كلن يرى النقص في دوره
وهذا نحبه في النوادي وذا نغليه
ولي في العرب يا عالم أبطال مشهوره
هنا تكمن الاخلاق الرياضية والأخلاق السعودية التي تعودناها من شبابنا وشيابنا في الماضي والحاضر ونأمل أن يكون المستقبل أجمل وأحلى في ظل التكاتف من أجل المنتخب السعودي الذي هو الآن في القارة الاسترالية يقاتل بشرف للدفاع عن المجد الكروي السابق للمملكة العربية السعودية عندما كنا نردد (جاكم الإعصار وخر عن طريقه)، الشاعر القدير بكلماته أعتذر بلطف عن المقارنة بين لاعبين آخرين غير (بيليه) ذلك خوفاً على اللاعبين ومكانتهم (ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه) ثم تطرق للأندية الرياضية في المملكة العربية السعودية في تلك الحقبة الزمنية فكانت لديه (من واقع الشعر عندما ذكر أن هذا النادي نحبه وذات نغليه) بمعنى (غلا ومحبة قلبية للأندية بالتساوي) فلم يكن أسلوب التقريع واسلوب الاستهتار والتهكم والعبارات الجارحة في شعره الرياضي مسلكاَ او هدفاً ولكنها حكمة الكلمة ورونق الأداء وعقلانية العطاء فجعل الاندية الرياضية السعودية سواسية في القلب بين (حب وغلا) ثم تجاوزه إلى الوطن العربي الكبير حيث إن العالم العربي لديه أبطال مشهورون في هذه اللعبة الجميلة.
ألستم معي أن (جيل الطيبين) رياضيين فكراً ولغة وثقافة وتشجيعاً، هذه تذكرة للجيل الحال من أبناء الوطن كونوا على العهد والوعد كآبائكم وأجدادكم في الحكمة والتوزان والتجشيع الرياضي المتزن لأن الرياضة كما تعلمناها في جيلنا لماضي أخلاق وتربية لا تعصب وأضرار بالمجتمع. وفق الله الجميع لكل خير وعاد منتخبنا من أستراليا مرفوع الرأس.