غادر دنيانا الفانية رجل يتمتع بصدق المشاعر، وطيب النفس، وحسن الصحبة.. رجل ترك وراءه بصمات كثيرة، إنه الرجل الإنسان عبدالرحمن بن عبدالعزيز العجلان. اختطفه مرض السرطان بسرعة. عرفته عن قُرب، وكان مثالاً للإنسان البشوش المخلص في عمله المحب لأهل بيته وبنتَيْه وولده. إن موته أصاب عائلته وأنسابه وأصدقاءه بصدمة قويه. وفي مثل هذا الموقف الإنساني لا نقول سوى: رحمك الله أبا سعود، وأدخلك فسيح جناته.
الصبر والهدوء والسكينة إن شاء الله تخيم وتدخل قلوب والدته وزوجته وإخوانه وأخواته وأصدقائه وجميع من يعرفونه. رحمك الله أبا سعود؛ فقد عرفتك حريصاً كل الحرص على صلة الرحم والتواصل مع محبيك ومجتمعك متلبساً بالخير والصلاح. اللهم اغفر له، وجازه بالإحسان. اللهم هوّن على زوجته وأعنها على تربية فلذات كبدها. اللهم ألهم زوجته الصبر. قال تعالي {الَّذِينَ إذا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَة قَالُواْ إِنَّا لِلّه وَإِنَّـا إِلَيْه رَاجِعون * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَة وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ «اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ».
أبا سعود، من عرفه يعرف معنى الرجولة الحقيقية. تألمنا من ألمك، وحزنا من حُزنك، واليوم غادرتنا إلى الرفيق الأعلى، وتركت وراءك الإنسان الطيب، الإنسان الذي دخل قلوب كل من يعرفه، الإنسان الذي سُمعته من ذهب، وصدى صوته المهذب اللطيف يتردد في آذاننا. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عِلْم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم. الحمد لله، الصدقة الجارية في طريقها، والولد الصالح بين ظهورنا، يدعون لك ليل نهار في السر والعلن.
تركتنا ورحلتْ أبا سعود، لكنك في قلوبنا وعقولنا أبد الآبدين. تركتنا ورحلتْ أبا سعود، وتركت لنا ابتسامة صافية من إنسان صادق. أبداً لن تغيب شمسك؛ فهي مشرقة في تفاصيل حياتنا. الموت حق على جميع المخلوقات من إنسٍ وجنٍ وملائكة وسائر المخلوقات الأخرى، ومهما طال بنا العمر أو قصر فالجميع ملاقيه. أبا سعود، انتقلت من دار الدنيا إلى دار السعادة، بعد كنت تعمل فيها بالصالحات، وتسارع فيها بالخيرات، مستحضراً دوماً قوله تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَة هِي دَارُ الْقَرَارِ}.
عرفتك باسم الوجه، بشوشاً، كريماً، معطاء، خدوماً، قريباً إلى قلوب من يعرفك عن قرب. عرفتك طيب القلب، والقلب الطيب بطبيعته يوجد داخل الإنسان الحساس، لا يعرف الكره، ويشعر بألم من حوله، وله بصمات مميزة.
أخيراً، رحمك الله أبا سعود. اللهم يا حنان يا منان، يا واسع الغفران، اغفر له وارحمه، وعافه واعفُ عنه، وأكرم نزله، ووسّع مدخله. اللهم اغفر له وارحمه، وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت الله الأعز الأكرم. اللهم أصلح ذريته، وألهم زوجته الصبر والسلوان، وأعنها على مستقبل عمرها وعمر ذريتها.