بقلم - د. إبراهيم بن مبارك الدجين:
تواجه العواصم والمدن الكبرى في كثير من دول العالم تحديات صعبة من أجل تلبية متطلبات النمو السكاني والتوسع العمراني في ذات الوقت تنمية الجوانب الإنسانية في البيئة العمرانية لهذه المدن والعواصم, وهناك كثير من دول العالم لم تستطع حل هذه المعادلة الصعبة، فجاءت التنمية العمرانية فيها على حساب الجوانب البيئية والإنسانية، وبمرور الوقت أصبحت هذه المدن طاردة للسكان، بل إنها لم تستطع في بعض الأحيان الحفاظ على استدامة مشاريع التنمية العمرانية بها, في حين نجحت مدن وعواصم أخرى في إيجاد حلول علمية مبتكرة لتعزيز التنمية المستدامة فيها دون الإخلال بعمارة البيئة، فأضحت مدناً صديقة للبيئة وحاضنة للإنسان وملبية لاحتياجاته الاجتماعية والترفيهية.
وبكل فخر نستطيع أن نقول: إن حاضرة المملكة «الرياض» نجحت رغم كل ما شهدته من تسارع في وتيرة التوسع العمراني والنمو السكاني خلال العقود القليلة الماضية في أن تحقق هذا التوازن بين المشاريع التنموية في كافة المجالات التجارية, والصناعية, والسكانية, وبين برامج عمارة البيئة، وتوفير احتياجات الإنسان من المتنفسات الترفيهية والخدمات الاجتماعية.
وليس أدل على ذلك من الزيادة الكبيرة في أعداد الحدائق والمنتزهات العامة والساحات البلدية وممرات المشاة والمواقع الحضرية التي تنتشر في جميع أحياء المدينة تقريباً.
إلا أن استمرار تزايد معدلات النمو السكاني في مدينة الرياض وغيرها من مدن المملكة وما يترتب على ذلك من وتيرة التنمية العمرانية، يتطلب دائماً البحث عن حلول استباقية يمكن من خلالها ليس فقط تجنب أي خلل قد يحدث في التوازن بين النمو العمراني وعمارة البيئة وإنما يحقق أكبر قدر من الإفادة من مشاريع عمارة البيئة لتعزيز التنمية المستدامة للمدن الكبرى.
ومن أجل ذلك بادرت أمانة الرياض إلى تنظيم واستضافة أعمال المؤتمر العالمي الرابع لبيئة المدن تحت عنوان «عمارة البيئة لتعزيز التنمية مستدامة للمدن» بالتعاون مع مركز البيئة للمدن العربية وبدعم من منظمة المدن العربية بهدف مناقشة أفضل الاستراتيجيات والممارسات في مجال عمارة البيئة، وتوفير كافة متطلبات التنمية المستدامة في الرياض ومدن المملكة كافة والإفادة من الخبرات والتجارب الدولية في هذا الشأن.
ولا يسعنا في هذا المقام سوى أن نتقدم بخالص الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية لرعايته لأعمال هذا المؤتمر العالمي. ولصاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض لما يوليه من دعم واهتمام بمشاريع عمارة البيئة وأنسنة العاصمة مع خالص الترحيب بجميع المشاركين في أعمال المؤتمر للخروج برؤى ومقترحات تسهم في الارتقاء بعمارة البيئة في المدن السعودية والعربية وتعزيز التنمية المستدامة بها.