اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |
قال أبو عبدالرحمن: في الآياتِ التي أسْلَفْتها البلاغ العظيمُ الكريمُ بأنَّ الفلاحَ في اتِّباع النبيِّ الأمي عليه الصلاة والسلام الذي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وهو المُبَشَّرُ به في كتبهم بنصوصٍ يستحيلُ صَرْفُها عن ظاهرها إلا بتحريف الكلم عن مواضعه كما هي
عادةُ يهودُ في الجحد والإخفاء وتحريف الكلم عن مواضِعه.. وحاشا لكليم الرحمن موسى عليه السلام أن لا يتَّبعَ محمداً صلى الله عليه وسلم لو كان حَيّاً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المُبَشَّرُ به: (لو كان موسى بن عمران حَيّْاً ما وَسِعَه إلا أنْ يَتَّبعني).. وَمِنْ أَوَّلِيَات أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه بعد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أنه أوّلُ مَن ردَّ جِوار الكُفَّار، ولم يقبل غير جوارِ الله، وأعلن دينه مُتَعَبِّداً به لربِّه جَهْراً.. وأنه أوَّلُ من جعل أهلَ بيته كُلَّهم بما فيهم مواليه (بفضل الله ثمَّ بجدِّه في الدعوة إلى دين ربه) مؤمنين.. ومِن سَبْقه في الأوَّليَّات أنه لا يُعْلم أن أحداً من الصحابة رضي الله عنهم جميعاً مَن بلغ ما بلغه أبو بكر في فداء ضَعَفَةِ المُسلمين الذين كان يُعَذِّبهم المشركون، ثم يُعْتقهم.. ولا يُعرف مَن سبقه من الصحابة رضي الله عنهم مَنْ تجرَّد من كل ما لديه في سبيل الله، ثم يْخلِفُ الله عليه وَفْراً كثيراً من الصَّفْق في السوق؛ لأنه مبارك له في ماله.. إلا ما بذله عثمان رضي الله عنه في تجهيز جيش العُسْرَةِ ؛ فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يَضيرُ عثمانَ ما فعله بعد ذلك اليوم.. يعْني بعد ذلك اليومِ إن قَصَّر مُسْقبلاً في البذلِ في سبيل الله، ولم يُقَصِّرِ رضي الله عنه مُسْتَقْبلاً في بذل ما له في سبيل الله، ولكن ظلَّ السبق والأولية للصديق رضي الله عنهما وعن إخوانهما جميعاً؛ فمن أبرزِ خصائص الصدِّيق رضي الله عنه وأرضاه أنه أسلم على يده (بالله، ثم بجُهده في الدعوة إلى دين ربه) عدد مِنَ كبارِ الصحابة، وبذل كلَّ مالِه في سبيل الله، ومن ذلك فداؤه المستضعفين ممن آمن، وأنه وحيدٌ بعد الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام في القُوَّة في الحق مع ضعف جماعته (بني تيمٍ) من أحياء قريش، وضعفِه بدنيّْاً، وأنه الوحيد في تضحيته في فدائه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدفاع عنه، وإيثاره إياه على نفسه، وتصديقه في كل ما أخبر به من عند ربه قبل أن يأتيه البيان من عند ربه مُفَصَّلاً، وأنه وحيد في الزهد، وأنه أول من أقام على الأرض بقوة ورجولة وعزم وتصْميم شريعةَ ربه كما مضى في الكلام عن جَمْعِه شَتاتَ المسلمين، وحِفْظِ وِحْدتِهم، واتِّفاق كلمتهم.. والمُوازنةُ بين فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ستُظْهِر تبريز بعض الصحابةِ في خَصْلَةأو بعض خصال، ولكنْ يَتَمَيَّز بالسبق من كان أكثرَ في السبق إلى عدد كثير من الفضائلِ ؛ فأبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه هو ذاك الرَّجُلُ الذي تميَّزَ بالسَّبْق إلى خصائص كثيرة ؛ فمثلاً كان يوم أُحُدٍ مِمَّن دعاه أقربُ الناس إليه إلى المبارزة فهبَّ للمبارزَة، ولكنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَنَعَه، وقال: (مْتِّعْنا بنفسك يا أبا بكرٍ).. وفي يقيني أنَّ من هبَّ إلى المبارزة في ذلك الموقف - وهو رضي الله عنه في كل المشاهِد ثابتٌ لم يَفِرَّ من الزَّحْفِ قط -: هو أصدقُ الناس توكُّلاً على ربِّه مع ضعفه في بدنِه وعشيرته، وهو أشجع الناس، كما أنه أَزْهدهم؛ لأنه لم يستكثر من توفير المال وإن حصل أداءُ حقِّ الله فيه، ولم يتنعم مِن دنياه بمثلِ مُلْكِ اليمين.. وعثمان رضي الله عنه فرَّ من الزَّحْفِ يوم أحد، فغفر الله له بمحكم التنزيل في ذلك اليوم نحمده ونشكر على ذلك، وعلى مالا نحصيه من آلائه؛ وكان تجهيزه جيشَ العُسْرة بالمال والخيل والركاب كفَّارة لا يضره ما فعل بعدها.. ومن خصائصه أنَّ الله قَرَنه بعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالعتابِ في أسْرى بدرٍ لتجريدهما للعبوديَّة، وليكونا قدوةَ الأمةِ، ومع ذلك أظهر الله حُسْنَ فتواه، وهو لم يُفْتِ إلا بعد أنْ استفتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي عادتُه لا يَقَدِّمُ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمْراً حتى يستشيره؛ فإذا استشارَه أبْدى صدق المَشورةِ .. وأما مواقفه مع بنته عائشة رضي الله عنها وهي أحبُّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِن جميع الناس كما أجاب السائلَ عن أحبِّ الناس إليه من جهة حُبِّ الرَّجلِ الحبَّ الطبيعي لأهله، وإن كانت خديجة رضي الله عنها أحبُّ إليه من أجلِ مواقفها الكريمة، وهي أمُّ وَلَدِه الذين أنْجَبُوا وأنجبتْ منهم ذُرِّيَتُهم في حياته ماعدا ابنه إبراهيم، وهو فَرَطُه إلى الجنَّة، وخديجة أحب إليه بلا ريب (وقد قال^: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع: خديجة بنت خويلد، ومريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون، وفاطمة بنت محمد.. ولقد بشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، وأقرأها السلام من الله ومن جبريل ؛ فأي تفضيل بعد هذا؟!.. وهي منقبة عظيمة لم ترد لغيرها بأبي هو وأمِّي ونفسي)، وكانتْ عائشة رضي الله عنها ذاتَ إدلالٍ عليه، وكانت أحْفظ لسنَّته؛ ولهذا أفرد الزركشيُّ كتاباً لما استدركته على الصحابة رضي الله عنهم، وكانتْ مواقفُ الصديق رضي الله عنه مع إدْلالِها مما يَهُزُّ الأريحيَّةَ ؛ فيشربُ المؤمنُ دموعَه تفاعلاً معها من حيث لا يدري، ولقد أفضت وبسطتُ ذيول القول عن ذلك في كتابي (التباريح).. ومَرَّةً سمع رسولُ اللهصوت (هالَةَ) أختِ خديجة رضي الله عنهما، وكان يُشْبِه صوتها صوت خديجة؛ فدمعت عيناه؛ فغارت عائشة رضي الله عنها وأرضاها.. ومن عتاب رسول الله لها قوله: ((لقد قلت كلمةً لو مُزِجت بماء البحر لمزجته)).. وأيُّ زوجة لا تغار وزوجُها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!.. ولم تذهب الغَيرة عن أمِّ سلمة مع جمالها إلا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأذهب الله عنها الغيرةَ، ووهبتْ ليلتها لعائشة؟.. كيف لا وقد آثرنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على مُتع الحياة الدنيا كلِّها؟!.. ولقد أخبر الله عنهن بقوله في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (سورة الأحزاب 28)؛ فلم يرضين غيرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتثلن أحكام الله، ثم أوصاه ربه في السورة نفسها بما لهنَّ من حقٍّ ؛ إذْ رضين الله ورسوله بقوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا} (سورة الأحزاب 52).. ورضي الله عن جميع أُمّهاتِ المؤمنين؛ ولسعةِ علمِ الصديق بأحوال العرب؛ ولاستيفائه سنةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجودةِ فهمه إياها: ظهر لي أن رؤيته في المنام تُكْسِبُ الرائي علماً، وهذا ما رأيته في المنام، وهي رؤيا يستأنس بها مَنْ كنتُ عنده صادقاً، ولم يُجَرِّب عليَّ كِذْبةً، ولم يظهر له ببرهانٍ أنني لا أريد بها إنْ حصلتْ الخير.. ومن لا يصدقني فلا تثريب عليه، فإلى لقاء عاجل عن هذا الموضوع إن شاء الله، والله المُستعان، وعليه الاتكال.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |