إن النجاح الذي حققته قمة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة يؤكد بقاء المجلس على مساره الإستراتيجي الذي رسمه له قادة المجلس، والنجاح قوة دافعة لدول المجلس نحو الاتحاد المقترح من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز،
وقمة الدوحة هامة جداً تسبق الدخول أو الترقي إلى مرحلة الاتحاد، والمرحلة الانتقالية بين التعاون القائم والاتحاد المنشود تُعرف بمرحلة التكامل الإقليمي، خلالها يتم الاتفاق على طبيعة القوانين والتشريعات واللوائح التنفيذية التي تساعد على اتخاذ المواقف الموحدة بشأن السياسات العامة لمختلف القضايا المصيرية التي تمس سلامة وأمن وسيادة الدول المكونة للاتحاد المنشود، فقد أكد البيان الختامي لقمة الدوحة على رغبة القادة في استكمال دراسة مقترح خادم الحرمين الشريفين بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وذلك يعني دراسة جميع الجوانب المتعلقة بمرحلة التكامل الإقليمي ويمكن إجمالها في البنود التالية .
أولاً: ترقية الصلات والروابط وأوجه التعاون القائمة في مختلف المجالات للوصول إلى أعلى مستويات التكامل فالاتحاد المنشود.
ثانياً: تعميق وتوثيق التكامل بين الدول الأعضاء ووضع الأنظمة والتشريعات المتماثلة بين تلك الدول في مختلف الميادين.
ثالثاً: دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الثروة المائية والحيوانية والزراعة والتعدين والصناعة.
رابعاً: التنسيق وتبادل الخبرات التي تدعم مجالات البحث العلمي.
خامساً: إقامة المشاريع الإستراتيجية التي تخدم دول الاتحاد المنشود.
سادساً: تشجيع القطاع الخاص للاستفادة من مرحلة التكامل بما يعود بالمنفعة والخير على دول الاتحاد المنشود.
ومرحلة التكامل الإقليمي تبدأ عادةً بالزيادة المتدرجة في مستويات التعاون والتفاعل ثم تتحول إلى اتفاقيات، ابتداءً من اتفاقيات التبادل التجاري والوصول إلى معاهدة التكامل الإقليمي، وأعلى ميثاق يمكن الوصول إليه في مرحلة التكامل الإقليمي، عند الدول ذات السيادات المستقلة، يتمثل في الرغبة والالتزام والتصميم على الاتحاد. إن قمة قادة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة تمثل أعلى مستويات التكامل الإقليمي التي تمهد لمرحلة الدخول في الاتحاد المقترح من خادم الحرمين الشريفين.
والاتحاد معناه: اندماج دولتين أو أكثر لتكوين كيان واحد دون فقدان الصفات أو الهوية الخاصة بكل دولة لتحقيق أهداف إستراتيجية محددة سلفاً، وبالتالي تملك كل دولة مسارين لتحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية سواءً منفردة أو ضمن كيان الاتحاد؛ ومضمون هذا التعريف ينطبق على جميع أنواع الاتحادات القائمة في العالم، والاتحاد قد يكون ضمنياً يتحقق من خلال المصالح المشتركة، وقد يكون بمعاهدة معلنة بين دول الاتحاد.
ومنطقة الخليج العربى ليست بمعزل عن العالم فهى معرضة للأزمات الإقليمية أو الأزمات الارتدادية الناتجة عن الأزمات الدولية، ودول مجلس التعاون الخليجي تملك مقوماتٍ مثاليةً لتكوين الاتحاد الخليجي مقارنة مع مقومات الاتحادات الأخرى في العالم، وتلك المقومات تتمثل في أولاً: وحدة الأرض واللغة والدين. وثانياً: الارتباط بالمصير المشترك ووحدة الهدف. وثالثاً: الأنظمة المتشابهة في النسيج السكاني والعادات والتقاليد الاجتماعية. ورابعاً: المراكز المالية المتكافئة، والأنظمة الاقتصادية الحرة.
إن تحقيق الاتحاد الخليجي المقترح من خادم الحرمين الشريفين سيمثل وضعاً أفضل وثقلاَ أكبر لكل دولة على حدة في المحافل الدولية، وسيمكنها من تحقيق أهدافها الإستراتيجية، كما سيشكل الاتحاد قوة متماسكة ضد التحرش الإيراني والتعديات على أمن وسيادة دول الاتحاد، وسيزيد الوعي والإدراك عند مختلف دول العالم من الآثار التي قد تضرب مختلف المصالح الدولية عند تعرض دول الاتحاد الخليجي للضرر.
الخلاصة:
إن الرغبة والالتزام والتصميم لقادة مجلس التعاون الخليجي في قمة الدوحة تمثل مرحلة انتقالية من أعلى مستويات التكامل الإقليمي لتحقيق الاتحاد الخليجي المقترح من خادم الحرمين الشريفين.