صدرت الأسبوع الماضي عدة مراسيم ملكية بإعفاء وتعيين عدد من الوزراء، وهم وزراء خدمات تهم الاقتصاد والمواطنين جميعاً.
وإن كان بعض الوزراء قد أمضى نحو ربع قرن أي مُدد له أكثر من 6 مرات!.. بعضهم أدى الأمانة بشكل جيد فوفّى وكفّى، وبعضهم بين بين ويمكن أن يُقال لهم كفاية، والبعض الآخر عمل على الظهور الإعلامي ووسائل الاتصال مما يظهره بأنه الوحيد في الميدان.
إن الوزراء الجدد تتوفر بهم الكفاءة العلمية والعملية، ومؤمل أن يحققوا رغبة ولي الأمر بتقديم خدمات أجهزتهم بشكل يُوفّي بحاجات المواطنين، خصوصاً إذا عملوا على أن تعيينهم هو تكليف، وليس تشريفاً، وأنها أمانة يجب عليهم أداؤها بكل إتقان وإخلاص.
وسوف أبدأ مقالي اليوم بمعالي وزير الشئون الاجتماعية الأستاذ سليمان الحميد رجل التأمينات الاجتماعية السابق. فقد صرح معاليه (أنا وزير المحتاجين) كما وعد أن يكون صوتاً لمن لا صوت له من المواطنين أصحاب الحاجات والفئات الخاصة المشمولين في الوزارة كونه يمثّل في النهاية وزارة المحتاجين الذين لا سطوة لهم ولا نفوذ... إلخ.
إنه هدف نبيل ومسئولية كبيرة إذا حققها الوزير الجديد، وسوف يكون أكبر نجاح له في تأدية الأمانة المنوطة به.. إلا أنه يجب لتحقيق هذا الهدف إعداد دراسة اجتماعية شاملة ومن قبل مكاتب استشارية وطنية (لا أجنبية) هدفها دراسة الاحتياجات للمواطنين وتحديد سقف الفقر ولتحقيق رغبة ملك الإنسانية في تحقيق الرفاهية لكل المواطنين.
كما يوجد موضوع آخر وهام أيضاً نأمل من معاليه دراسة أوضاع الجمعيات الخيرية وتوجيهها لتحقيق أهداف نبيلة للمساعدة في تكوين رجال صالحين منتجين لا شحاذين بالتدريب وتعليم صنعة تكفل لهم حياة كريمة والعمل على القضاء على ظاهرة التسول من المواطنين ومن يقبض عليه من الأجانب يتم تسفيرهم.
فمن الملاحظ في السنوات الأخيرة زيادة نسبة الفقراء بالمملكة والذي أحد ظواهره كثرة المتسولين في كل مدينة وقرية بل وفي كل شارع وفي الأسواق وأمام بيوت الله بل وداخل بيوت الله وأمام إشارات المرور وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة.
إن ظاهرة التسول لها أخطار اقتصادية واجتماعية وأمنية.. فالفقر ليس عيباً ولكن عدم العمل على معالجته هو العيب وحتى الدول الكبرى لديها فقراء وعملت خططاً إستراتيجية لحصر الفقراء الذين يعيشون تحت خط معين من تكاليف المعيشة وتصل إليهم الأجهزة المختصة لضمان مستوى معيشي لائق بهم كمواطنين، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً برنامج (بل برامج) لمعالجة الفقر منذ أكثر من خمسين عاماً وكلف أكثر من تسعة عشر تريليون دولار، ومع ذلك يعترف الأمريكيون أنهم لم يحققوا النجاح الكامل.
لكن لو رجعنا لتاريخنا الإسلامي في العصور الذهبية للدولة الإسلامية لوجدنا اختفاء ظاهرة الفقر.. كيف تم ذلك؟ يجب الرجوع ودراسة تلك الحقبة وأسباب الرفاهية التي كان يتمتع بها المسلمون آنذاك.
كما نطلب من معالي وزير الشئون الاجتماعية إعادة دراسة أوضاع الجمعيات التعاونية والتي مع الأسف لم تنجح حتى الآن في تحقيق أهدافها، وأن يتم تكوين جمعيات تعاونية فعّالة وقوية وتحويل القروض من الأفراد إلى هذه الجمعيات وبالذات الزراعية.. كما يجب رفع الوعي التعاوني بين المواطنين فـ «يد الله (جل وعلا) مع الجماعة».
إن تركة معالي وزير الشئون الاجتماعية ثقيلة لأنها تمس حياة فئة (بل فئات) محتاجة من المواطنين، محتاجة للدعم المادي وبعضهم محتاج إلى الدعم المعنوي وتحقيق رغبة خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية بأن يعيش المواطن عيشة كريمة تليق به.
وفي المقالة القادمة - بإذن الله - سوف نعرض ما يطلبه القطاع الزراعي من مهندسه الجديد.
خير الكلام ما قلّ ودلّ
- أزمة موبايلي وديونها على زين (كما تدّعي موبايلي) كشفت عن ضعف وهشاشة أجهزة الرقابة على الشركات من قبل هيئة سوق المال ووزارة التجارة، ولا ننسى الدور الرئيس لمراجعي الحسابات وبالذات الأجانب.. ولعل توقيف شركة ديليوت من قبل هيئة سوق المال أكبر دليل على الفوضى التي تعيشها شركات المحاسبة الأجنبية بالمملكة دون استثناء كيف لا، وهي لا تجد من يراقبها لتوزع المسئولية (عن الشركات) بين عدة جهات.. هيئة سوق المال ووزارة التجارة والتي ضاعت المسئولية بينهما رغم أن المسئولية الكبرى حسب نظام الشركات تقع على وزارة التجارة؟!.. ودليل ذلك وجود عدد من الشركات التي وصلت خسائرها إلى أكثر من 75% من رأسمالها ولم يتم دعمها أو تصفيتها، بل إن إحدى الشركات في السوق بلغت خسائرها أكثر من 200% والإجراء الذي اتخذته الهيئة (وليس وزارة التجارة) هو إيقاف بعضها من التداول، أما شركات المساهمة المقفلة، فالله أعلم بحالها والمخفي أعظم.. كما أنني أتساءل عن دور هيئة المحاسبين حول شركات المحاسبة المخالفة الوطنية والأجنبية. أم أن الهيئة مجرد شكل فقط؟.
والله الموفق.