كشفت صحيفة الجزيرة مؤخرا عن تمكن فريق البحث العلمي بكلية الصيدلة بجامعة جازان من اختراع مضاد حيوي جديد سمي «زينوحاجكسين» تم التوصل إليه بواسطة فريق بحثي. وتم المضاد الجديد من بكتيريا تعايشية تسمّى (زهينور هبدس إنديكا) وقد تمت تجربته داخل معامل كلية الصيدلة على عدد من البكتيريا المعدية المقاومة للمضادات الحيوية، وتمت مقارنته بها وثبت نجاحه وتفوقه على كثير من المضادات الحيوية المعروفة دولياً ويستخدم للالتهابات البكتيرية. وأفادت الجامعة بأن هذا الإنجاز لقي ترحيباً واسعاً على المستوى العلمي الدولي، وتناقل خبره العديد من المجلات المتخصصة في متابعة ورصد أخبار الأدوية والعلاجات الحديثة المتميزة ومنها مجلة «أخبار الأدوية» المعروفة عالمياً باسم (DRUG NEWS) ومقرها العاصمة البريطانية لندن، حيث نشرت خبر التوصل إلى المضاد الحيوي الجديد (زينوحاجكسين) في عددها الثالث والعشرين في 20 أكتوبر من العام 2014م، ووصف الإنجاز بكونه كشفاً علمياً حققته المملكة العربية السعودية بواسطة جامعة جازان وصنفته بالمضاد الحيوي في مرحلة التجريب ما قبل الإكلينيكي.
ويكشف هذا الإنجاز عن التقدم الكبير في مخرجات جامعات المملكة ومراكزها البحثية، متفوقة على باقي نظيراتها في الدول العربية بمنطقة الشرق الأوسط وفق إحصاء سعود لعام 2012م، حيث سجلت 7000 إصدار بحثي في قاعدة البيانات العالمية web of Knowledge.
وشهدت جميع مجالات البحث الأساسية في المملكة تقدماً ملحوظاً في حجم الإنتاجية الفكرية بشكل عام، خاصة في مجالات العلوم الفيزيائية والرياضيات، وفي مخرجات التخصّصات المرتبطة بعلوم الحياة مثل: الأحياء، والعلوم السريرية، والطبية والصحية، وفق ما أفاد به تقرير أصدرته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع مؤسسة تومسون «رويترز» عن مؤشرات الأداء البحثي للمؤسسات العلمية في المملكة خلال الفترة من 2008م - 2012م من خلال معرفة نشاط نشر أبحاث ودراسات هذه المؤسسات، والملكية الفكرية الحاصلة عليها.
وأكد التقرير أن المملكة اهتمت في عامي 2011 و2012م بتطوير الانتاج الفكري في الجامعات والمراكز البحثية وتحسين أدواته، نشرت خلاله 29 جامعة ومركزًا بحثيًا أكثر من عشرة بحوث في السنة خلال فترة التحليل التي استغرقت خمسة أعوام، بينما نشرت الجامعات الرائدة أكثر من 100 ورقة علمية في السنة «ما بين مقالات ومراجعات»، وعدّ ذلك عالميًا أمرًا إيجابيًا في ضوء حداثة تطور المجال البحثي في المملكة.
وأبان التقرير أن أهمية الأبحاث العلمية السعودية المنشورة ارتفعت مع الازدياد الملحوظ في حجم الإنتاج الكلي للأوراق البحثية، كما ارتفع معامل التأثير لمعظم المؤسسات البحثية نتيجة ازدياد عدد الاستشهادات المرجعية لأوراقها البحثية المنشورة، فيما بلغ متوسط هذه الاستشهادات في خمس جامعات أعلى من المتوسط العالمي طيلة فترة الخمس سنوات من فترة التحليل.
وأشار التقرير إلى أن المملكة شهدت ارتفاعاً في معدل تسجيل براءات الاختراع تجاوز من خلاله البراءات المسجلة عام 2010م حاجز ال200 اختراع لأول مرة، وارتفع هذا العدد مجدداً في إحصائيات عام 2011م، وتوزعت هذه البراءات على مجالات تقنية المعلومات، والإلكترونيات وتقنية الاتصالات، والمواد، وتقنية البتروكيماويات، وسُجلت عبر مكتب معاهدة التعاون لبراءة الاختراع «PCT»، والمكتب الأمريكي لبراءات الاختراع والعلامات التجارية «USPTO»، ومكتب براءات الاختراع الأوروبي «EPO».
وتفوقت مجالات الطب والصحة على مجال البتروكيماويات في طلبات براءات الاختراع بالمملكة، وبرزت مجالات ناشئة يمكنها أن تساهم بإذن الله تعالى في تنوع قدرات المراكز الأكاديمية لنقل التقنية في البلاد، وشملت تقنيات: المياه، والرياضيات والفيزياء «أجهزة الاستشعار وتقنيات القياس بالدرجة الأولى» والبيئة، والطاقة، والطب والصحة، والتقنية الحيوية، والبناء.
واستطاعت جامعة الملك سعود أن تتصدر قائمة الجامعات السعودية في معدل الإنتاج الفكري والأوراق العلمية المقدمة في مجالات: العلوم الصحية والطبية السريرية، وعلم الأحياء، والعلوم الفيزيائية والرياضيات، والعلوم الاجتماعية والاقتصادية، والآداب والعلوم الإنسانية، بـ7326 ورقة علمية، تلتها جامعة الملك عبدالعزيز، ب3013 ورقة علمية، بينما حققت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن 2383 ورقة علمية، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية 1355 ورقة علمية، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث 973 ورقة علمية.
وحققت خمس جامعات سعودية تميزًا في قدرتها على البحث العلمي من خلال تسجيلها متوسط أثر استشهادات مرجعية أعلى من المتوسط العالمي في فترة الخمس سنوات من عمر هذا التقرير، وهي: جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، وجامعة الفيصل الأهلية، وجامعة نجران.
ولقد قدمت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية خلال ثلاثة عقود مضت دعماً قدره 968 مليون ريال لـما مجموعه 2667 بحثاً من مجمل الأبحاث التي وصلت إليها، وذلك في عدة مجالات شملت الزراعية والطبية والهندسية وعلوم الأساس والعلوم الإنسانية، فضلاً عن 1241بحثاً لطلبة الدراسات العليا.
وقد عملت المدينة على تطوير وتحديث قواعد المعلومات العلمية والتقنية لتتولى مهمة تزويد المؤسسات العلمية ومراكز البحوث والجهات المستفيدة بما يتوفر من معلومات عن الأبحاث والباحثين بالمملكة، وذلك من خلال قاعدة الأبحاث السعودية (قبس) التي بلغ عدد الجهات المشتركة فيها 40 جهة حكومية، فيما بلغ عدد المستفيدين من خدماتها ما يزيد على 25000مستفيد .
ويشكل قيام المدينة بنشر نتائج الأبحاث المدعمة لتتم الاستفادة من نتائجها واستثمارها على الوجه المطلوب، جانباً مهماً يضمن عدم هدر هذه الثروة الوطنية، ويحقق الأهداف التي من أجلها تم دعم هذه البحوث، ومن أبرز هذه الوسائل توزيع أقراص مدمجة تحتوي على نتائج البحوث وأثرها على الجهات المستفيدة، نشر الأبحاث الجارية والمنتهية في قاعدة «قبس» على شبكة الانترنت، ونشر النتائج النهائية على هيئة إصدارات علمية وتوزيعها على الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى عقد اللقاءات العلمية وورش العمل المتخصصة لمناقشة نتائج البحوث .
وفي شكل آخر من أشكال الدعم، فقد اهتمت المدينة بتشجيع الأنشطة البحثية المتميزة، وتحسين جودة الأبحاث، والارتقاء بنوعية النتائج، وزيادة فرص الاستفادة منها، حيث عملت على تكريم البحوث المتميزة والمدعمة من قبلها ذات النتائج العلمية العالمية التي تثري المعرفة الإنسانية بالاختراعات والاكتشافات، وفي هذا الصدد فقد حازت بعض البحوث المدعمة على 11 جائزة عالمية وإقليمية ومحلية .
وساهمت نتائج البحوث المدعمة في المجالات المذكورة مساهمة فاعلة في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ففي مجال تنمية الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ساعدت نتائج البحوث في تحديث أساليب الزارعة وتقويم التقنيات الجديدة وترشيد استخدام البتروكيماويات الزراعية، فضلاً عن استخدام المخلفات الزراعية في إنتاج أعلاف جديدة.
نحن إذن على أعتاب طفرة بحثية هي المقبلة في المملكة وعليها سيرتكز اقتصادنا الوطني في الأعوام المقبلة إن شاء الله.
عزام سعد عبدالرحمن - باحث أكاديمي - الخبر