قبل أن أبدأ سلسلة هذه المقالات بحثت في تجارب مشابهة في دول العالم، والحقيقة أنني فُوجئت بأن هذه المشكلة (موت المعلمات على الطرقات) موجودة لدينا فقط، وأن لا أحد يتحدث عنها إلا في السعودية، وهي مرتبطة بالمرأة المعلمة وليس بالمعلم الرجل.. علماً بأني حللت جزئيات المشكلة وانتهيت إلى رؤية قدمتها في سلسلة مقالات طرحتها عام 1428 وتضمنها كتابي الصادر هذا العام (المرأة السعودية الجديدة)، دعونا نرى ما الذي تغيّر بعد ثماني سنوات.
) تفتتح الدولة مدارس في الهجر من أجل أن تقدم تعليماً للجميع وتجعل التنمية تصل سكان المناطق البعيدة.
) تعيّن الدولة معلمين ومعلمات من قوائم الانتظار المتقدمين بطلب وظائف من الخدمة المدنية كي تحقق الرفاهية للمواطنين، ولتحقق الحياد والعدالة تعيّن الأكثر جدارة بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، لأن الوطن للجميع والوظيفة للأكفأ والأكثر جدارة.
) تسرع الدولة في عمليات التعيين، وتزيد من التنمية في المناطق الريفية، لتخفف من نسب البطالة بين الجنسين وتزيد من نسبة اهتمامها بالأرياف من منطلق وعيها بواجباتها.
) إلى هنا عملت الدولة عملاً جيداً، فماذا فعل المجتمع؟
لم يقم المعلمون والمعلمات في مناطق عملهم مثل كل العاملين في دول العالم، بل هم أحبوا وفضّلوا أن يقطعوا 500 كيلو متر - ذهاباً وإياباً - يومياً من أجل الحياة مع العائلة والإنترنت والمطاعم والحياة المرفهة.
) إذن، بيت القصيد هو: لماذا لا يقيم المعلمون والمعلمات بجوار مدارسهم، مثل كل موظفي العالم؟.. لا بد أن نطرح أسئلة أخرى:
ماذا يحتاج المعلمون والمعلمات ليستوطنوا في الهجر والأرياف؟
- هل يُوجد سكن جيد؟
- هل يُوجد خدمات جيدة في الاتصالات؟
- هل يُوجد مستوصفات؟
- هل يُوجد أسواق ومحال لبيع المستلزمات الغذائية والكمالية؟
- هل وزارة التربية والتعليم هي الوزارة المعنية بكل هذا؟
هل يكفي لتنمية الهجر إنشاء مدارس فقط؟.. أم يتطلب أن تعمل كافة وزارات الدولة جنباً إلى جنب في مدّ حراك التنمية في كل المجالات؟
ومن ثم، تهيئة الأرياف للسكن والإقامة خصوصاً أن مجتمعنا يرحب بإقامة الرجل في مكان عمله، لكن هل هو يرحب بإقامة المرأة في مكان عملها؟