الثورة في النقل والمواصلات التي ستشهدها المملكة في قادم الأوقات ثورة حقيقية ستؤثر على كافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية والتطويرية, وبالتالي فإن وزارة النقل هي صاحب الشرعية الرسمية بإدارة ملف النقل واعتماد البرنامج الزمني اللازم لتحقيق الأهداف وتنفيذ المشاريع الضرورية أولا بأول خاصة ونحن نعلم جيدا أن هنالك لغط كبير بين مهام الوزارة نفسها وبين مهام جهات أخرى كالأمانات والبلديات والهيئات المستقلة, غير أنه تبقى وزارة النقل الممثل الشرعي أمام التقييم العام للنتائج.
المقبل في تعيينه وزيرا للنقل ينطبق عليه المثل القائل وعاد العرين إلى أسده, وهذا بعد فترة زمنية قضاها أمينا للرياض وحملة أمانة قوية وكبيرة حقق فيها النجاحات تلو النجاحات واحدث نقلة نوعية في مفهوم التعايش الحضري للمدينة مع أهلها وتفعيل دور المجتمع في خدمة مدينته, أمانة الرياض في عهد المقبل أصبحت ليست مجرد آلة تنفذ وإنما مؤسسة متكاملة إنشائياً ومعرفياً واقتصادياً ومجتمعياً, ولكن بما أن المهمة هنالك في وزارة النقل قد دخلت في منحنى مهم جدا ومنتظر منها أن تحقق كل شيء في أقل وقت فإن الحاجة إلى لاعب متمرس خبير لديه من الأفكار ما تتناسب والمرحلة القادمة إيجابا وحيوية, ليس انتقاصاً للوزير السابق والعياذ بالله والذي حقق الكثير وأنجز ما كلف به على أتم وجه وهذا التعديل يعتبر استكمالا لمسيرته ومسيرة من سبقوه.
المقبل ليس وافدا جديدا على الوزارة فهو ابنها أساسا ويعلم فيها علم أهل مكة لشعابهم, ومن خلال عمله أمينا للرياض فهو يعلم ضمن نطاقه أمانة الرياض حجم الإنجازات المنتظر تحقيقها ليس فقط على مستوى الرياض كمدينة وإنما على مستوى المملكة كمستقبل تقني متطور لملف النقل بشكل عام, لا يوجد عمل بلا سلبيات وبالتالي فإن وزارة النقل لديها حصتها الشرعية من هذه السلبيات وهي ليست سلبيات مستحدثة أو مسقطة وإنما هي متولدة من طبيعة العمل نفسه وبالتالي فهي تعتبر ضمن نطاق المقبول, نعم ننتظر من المقبل تخفيض حجم هذه السلبيات أو على الأقل تخفيض حجم تأثيرها لكن ما هو منتظر من المقبل حقيقة في المرحلة القادمة هو تفعيل طاقات وخبرات كوادر وزارة النقل لتعطي أكثر ونحن علم أنها قادرة على ذلك, أن أية إنجازات يمكنك تحقيقها ولا تفعل تعتبر حقيقة خسارة حتى وإن كنت تحقق ربحا ملموسا.
أمر مهم آخر بل غاية في الأهمية ينتظر المقبل في قادم الأيام وهو تطوير الملف العام للوزارة وتقديمها بالصورة الحقيقية للرأي العام, وزيادة مستوى التنسيق مع بقية الجهات الأخرى المتداخلة مع طبيعة عمل الوزارة وهو يتقن هذه الجزئية باحتراف وتجربته في أمانة الرياض خير دليل على ذلك, وكل ثقة بأننا سنشهد قريبا جداً قرارات وبرامج جديدة ستزيد من فاعلية عمل الوزارة وإعادة لهيكلتها بما يتناسب مع المرحلة القادمة, نعم القادم صعب ومستوى الإنجازات المنتظر تحقيقها عال جدا, ولكني أيضا أعلم جيداً أن المقبل يمتلك الإمكانيات والخبرات المناسبة لتجاوز الصعب غير أن المهمة لا تنفذ سحراً أو كرامة وإنما بالعمل الدؤوب وتعاون الجميع سواء من داخل الوزارة نفسها أو من المجتمع بشكل عام, لأنه في نهاية المطاف كل هدف يتحقق بنجاح ستعم الفائدة على الجميع وبشكل فوري.
- د. طلال بن سليمان الحربي