الراتب أو ما يسمى بالأجر الشهري أو المعاش يتقاضاه الموظف مقابل تأديته للأعمال المكلف بها، وتدخل ضمن حسبة الراتب العلاوات والمميزات المثبتة في أصول العقود بين المؤسسة والموظف في القطاع الخاص، وكذلك في المضامين التفصيلية لقرارات التعيين بالنسبة للموظف الحكومي مثل بدل النقل والعلاوة السنوية وبدل المهنة، وفي القطاع الخاص ميزات ثابتة مستمرة تضاف للراتب مثل بدل النقل وبدل السكن ولا يوجد تحديد دقيق للعلاوات السنوية إذ تخضع في الغالب لتقدير إدارة الشركة.. ويضاف لهذه الميزات الثابتة بدل السكن والتأمين الصحي للموظف، وهي ميزات مستمرة طيلة خدمة الموظف وبالتالي لا يمكن اعتبارها من المحفزات للارتقاء بإنتاجية الموظف أثناء أدائه لعمله إذ يقتصر دورها على مراحل البدايات عند إغراء المتقدمين لقبول عروض العمل بالشركة، فأثرها يتناقص بعد سنوات من العمل ومع الشعور بأن هذه الميزات قد أصبحت حقاً مكتسباً، أما دفع العاملين لزيادة الإنتاج فيحتاج لحوافز مستجدة يتم استحداثها كلما استلزم الأمر.
في الغالب لا يؤدي الراتب الثابت إلى حفز الموظف لزيادة الإنتاج بل إنه قد يؤدي مع تقادم العهد بالموظف إلى الرتابة والروتين والركون للسير في نمط تقليدي واحد فتختفي عنده كل قدرات الإبداع أو الإضافة، ولذلك يعاني القطاع الحكومي وبعض مؤسسات القطاع الخاص من ظواهر خطيرة بدأت بالتفشي نتيجة لسوء النظم الإدارية ومن هذه الظواهر ضعف الإنتاجية بسبب حالات الإحباط واليأس من تغيير الأوضاع فيلجأ الموظف في هذه الحالة إلى تقديم الحد الأدنى من العطاء في أحسن الأحوال مثل الحضور والانصراف في المواعيد المحددة، وتقديم واجبات هامشية لضمان استمراره في الوظيفة وكسب الحد الأدنى من رضا الرؤساء.
أكثر ما يفرز حالات التقصير في تأدية واجبات الوظيفة غياب تطبيق معايير تقويم الأداء الموضوعية والدقيقة، وإن وجدت فلا تعدو أن تكون روتينية إذ تملأ استمارات التقويم لتوضع في الأدراج لكنها لا تستخدم لتطوير أداء الموظف ومحاسبة المقصرين على ضعف مردوداتهم الإنتاجية لذلك يشعر جميع الموظفين بضعف المتابعة والرقابة فيحبط المميز الذي يتحول مع الوقت إلى موظف عادي جداً بينما يجد المقصر البيئة المساعدة على المغالاة في التقصير فتتحقق المساواة غير المنصفة بين التاعب واللاعب وبما يؤدي مع الوقت إلى صناعة موظفين روتينيين لا أكثر.
إدراك بعض الدوائر والمؤسسات في الدول التي تقدر أهمية الإدارة لخطورة الجمود الوظيفي أجبرها على أن تدرس بصورة مستمرة وضع الحوافز ومراجعتها عند الحاجة لضمان استمرارية دافعية الموظفين. لدينا في المملكة حوافز في القطاع الحكومي ضمن لوائح وزارة الخدمة المدنية مثل العلاوات السنوية والعمل الإضافي والتدريب والبدلات والمكافآت.
إشكالية هذه الحوافز أنها تخضع في كثير من الأحيان لمزاجية المسؤولين فتدخل فيه المحسوبيات فتمنح لحاجة الأشخاص لا إلى حاجة العمل وبذلك تفقد أهميتها. في القطاع الخاص لا يوجد نظام معتمد للحوافز حيث يخضع في الغالب لرؤية الشركة أو المؤسسة ما أنتج تبايناً صارخاً بين وفرة حوافز في جهات وفقر مدقع في جهات أخرى، وللأسف فإن النظرة المادية البحتة لبعض مديري الشركات والمؤسسات هي من أدت إلى تآكل عطاءات منسوبيها فبعضهم لا يؤمن إلا بالحوافز السلبية مثل التقريع والتأنيب والإنذار والتهديد وهي أساليب عفا عليها الزمن، ولا يهتم بالتحفيز الإيجابي لموظفيه بوصفهم شركاء النجاح الحقيقيين وعلى أكتافهم تتحقق الإنجازات.