في إنجاز أمني جديد، كشف المتحدث الأمني لوزارة الداخلية -اللواء- منصور التركي، أن: «نتائج تنفيذ مهام رجال الأمن في مكافحة المخدرات في عام 1435هـ، ضبطت 41 مليوناً من أقراص الأمفيتامين، و37 طن حشيش، و17 كيلو هيروين خام، ونصف كيلو كوكايين -عالي النقاوة-، فيما
بلغ إجمالي المبالغ المالية التي تم ضبطها في حوزة المقبوض عليهم أكثر من 34 مليوناً»، وتلك الأرقام إن دلت على شيء، فإنما يدل على كفاءة جهود رجال مكافحة المخدرات، التي شهدت بها مؤسسات رسمية، وهيئات دولية، ومحافل عالمية، -إضافة- إلى تقارير المنظمات الدولية.
إن نجاح الكثير من العمليات النوعية لهذا الجهاز الأمني، ومنها: إحباط تهريب، وترويج مخدرات قيمتها أكثر من 34 مليون ريال، دليل على إرهاق عصابات المخدرات، وجماعات التهريب، والقضاء على بؤر الفساد، وكشف خطط المفسدين، التي نجحت -بفضل الله- في القضاء على مشاريعهم في ترويج تلك السموم، مما حقق الكثير من النجاحات على المستوى الأمني. والتأكيد على أن السياسة التي تنتهجها الأجهزة الأمنية لمكافحة المخدرات، تندرج وفق خططها الاستراتيجية الرامية إلى منع تفشي تلك الآفة، وتجفيف منابع التهريب على المستويين -الداخلي والخارجي-، على الرغم من أن دولا أخرى متقدمة، لم تتمكن من إحراز الإنجازات الأمنية، التي وصلت إليها السعودية في مجال مكافحة المخدرات.
من جانب آخر، فإن هذه الجهود العظيمة التي يبذلها رجال الأمن السعوديون، تدل أولاً: على يقظة رجال مكافحة المخدرات، وتدل ثانياً: على متابعتهم الدقيقة للآثار كافة الدالة على بؤر الفساد، ونشاطاتها الإجرامية للاتجار بهذه الآفة الخطيرة، وارتباطها بالجريمة المنظمة، وقضايا غسل الأموال، وشبكات الإرهاب.
في المقابل، فإن آفة المخدرات، تمثل ظاهرة عالمية محلية مجتمعية فردية في آن واحد، نظرا لما لها من أضرار، ومخاطر على الجوانب الصحية، والاجتماعية، والأمنية، وعلى اقتصادات الدول -كافة-، وأصبحت أخطر المشكلات التي يواجها العالم المعاصر، حيث لا تقف آثارها المباشرة على المدمنين، وأسرهم، بل تمتد إلى مجتمعاتهم، وأوطانهم، وباتت تهدد كيانات الدول، حتى أصبحت في بعض البلاد، دولة داخل دولة.
ورغم الجهود الدولية لمكافحة المخدرات، إلا أن عصابات التهريب أثبتت أنها لا تزال قادرة على التأثير، والاستمرار في ترويج بضاعتها الآثمة؛ مما يستدعي الحاجة إلى تعاون ملموس من شرائح المجتمع؛ من أجل التصدي لعناصر انتشار هذه الآفة، وهي: المهرب، والمروج، والمتعاطي، -لاسيما- وأن الجهات المهتمة بهذا الموضوع تشير إلى أن «الشباب» على اختلاف مشاربهم، هم عرضة للمخدرات.
إن ناقوس الخطر دق أبوابنا بشكل غير مسبوق، ومعايشة الواقع الأليم أصبح مثقلا بالمرارة، ولم يعد مجديا إنكار وجود هذه المشكلة، أو التهوين من شأنها، والأرقام تتضاعف نسبتها، والشباب يتزايد أعدادهم في الوقوع في هذه الآفة المستهجنة، بعد أن اتسع نطاق الاتجار فيها، وترويجها؛ مما يستلزم تعاون المجتمع الوثيق -بشرائحه كافة- مع أجهزة الدولة؛ للعمل على وقف هذه الخطر المحدق بنا، فليس المهم أن نعرف المشكلة، بل الأهم أن نعرف كيف نحاربها، ونقضي عليها.
عودا على ما ذكر في مقدمة المقالة، فإن مثل هذا الإنجاز، يُعتبر نوعا من أنواع الجهاد في سبيل الله، متمثلا ذلك في حراسة الثغور على الحدود، وحماية الأمن الداخلي. وهو -بلا شك- سيُجير لرجال مكافحة المخدرات، نظير إخلاصهم، وشجاعتهم؛ لإحباطهم مخططات المفسدين، التي تتربص بهذه البلاد، وشبابها.
بقيت الإشارة إلى أن الأرقام التي ذُكرت في البيان، والكميات الهائلة التي أُعلن عن إحباطها، مخيفة -أمنياً واجتماعياً واقتصادياً-، إلا أن الإنجاز سيكون حافزا لكل من عمل في هذا المجال؛ لمضاعفة الجهد، وبذل الوسع، وزرع روح التحدي، في سبيل المحافظة على الوطن، وشبابه، ودرء كل ما من شأنه وقوعهم في هذا الداء الخطير. ثم ألا يحق لنا بعد ذلك، أن نفخر برجال أمننا، فما تم هو إنجاز رائع، ومشرف لكل مواطن، ومقيم؛ لما له من أثر ملموس في تحقيق الأمن، وحماية البلاد، والعباد.