من الخدمات الفاعلة في تحقيق التنمية البشرية، هو الدعم والتأهيل من أجل التمكين. والعنف الأسري الذي أنتشر في السنوات الأخيرة له آثاره السيئة على تلك التنمية إذا لم يتم تدارك أسبابه ومعالجتها من جذورها، والتي تختلف مابين المناطق، والأُسر، بسبب اختلاف الثقافات الاجتماعية، والأساليب التربوية من بيئة لأخرى! لكن هناك ثوابتاً شرعية وحقوقية من المتوقع أنها هي قاعدة لانطلاق التعامل الإنساني والاجتماعي والأسري في مجتمعنا والذي تنطلق أحكامه وأنظمته وعقوباته من الشريعة الإسلامية أساساً. ولكن للجهل بالحقوق الشرعية، ولارتفاع نسبة المفاهيم الاجتماعية الخاطئة، ولسيطرة التربية الذكورية المتوارثة، كان هناك ارتفاعاً في نسبة العنف الأسري وخاصة مابين النساء والأطفال في بعض المناطق، إلى جانب ضعف كثير من النساء وهن ( الأهم ) من مواجهة الصدمات والتغيرات الحياتية التي تواجههن في حياتهن، مما يساهم هذا الضعف في قبولهن للتنازل عن حقوقهن الشرعية، وفي استسلامهن للعنف الواقع عليهن بسهولة، وفي تقبلهن لدائرة العنف وعدم الخروج منها بسهولة، ممايزيد حالتهن سوءاً بعد سنوات طويلة، وبذلك لا يتوقف العنف عليهم حينها بل قد يطول أفراداً آخرين من حولهن وبالذات ( الأطفال ) الذين يدفعون ثمن سلبية أمهاتهن وضعفهن من مواجهة واقعهن الأسري الصعب وذلك باللجوء للجهات الأمنية أو الشرعية لمعالجته! ولمعالجة الخوف والسلبية والدعم لتجاوز اسوار ثقافة العيب، كان من المهم تقديم خدمة مميزة في مجال الدعم والتمكين للنساء بصفة عامة كجهود وقائية من الوقوع في دائرة العنف فجأة والاستمرار فيها بدون وعي، وكذلك في مجال التأهيل والتدريب للمعنفات بصفة خاصة كجهود علاجية لمنع استمرار العنف والعودة له بسهولة ! وهذه الخدمة الحقوقية المميزة تبناها البرنامج الوطني للأمان الأسري برئاسة الأميرة عادلة بنت عبدالله في الاجتماع التشاوري الأول والذي انعقد في يوم الثلاثاء الموافق 25 نوفمبر وذلك احتفالاً باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث تناول الاجتماع طرح مشروعاً هاماً لخدمة المعنفات يتمثل في إنشاء مركز متخصص لدعمهن ومساندتهن وتمكينهن من مواجهة واقعهن وحماية أنفسهن من خلال الخدمات الحقوقية والأمنية الموجودة في بلادنا ولله الحمد والتي سيكون للمركز دور هام أيضاً في نشر الثقافة الحقوقية والدعم النفسي والاجتماعي لهذه الفئة بلاشك بمشاركة الجهات ذت العلاقة. والمأمول بأن هذا المركز سيساهم في معالجة الكثير من جوانب الضعف في الخدمات المقدمة للمعنفات والتي كانت قائمة سابقاً على (التدخل والإنقاذ ) فقط خاصة مع الحالات التي تُقدم لهن أساليب تدخل مختلفة بعد تعرضهن للعنف، ويتم التواصل مع قنوات عديدة ما بين اجتماعية وأمنية وقضائية لمساعدتهن للخروج من وضعهن بسلام بإنقاذ أنفسهن وإنقاذ أطفالهن أيضاً، ولكن قد يتكرر وقوع العنف عليهن مرة أخرى في فترات زمنية متباعدة، وتضطر تكرارالمطالبة بإنصافهن مرة أخرى من نقطة الصفر!
هذا التكرار للوقوع في دائرة العنف هو الذي نأمل أن يتوقف ويتم الحد منه من خلال خدمات مراكز الدعم والتدريب التي سيتولى برنامج الأمان الأسري الإعداد لها بالتعاون مع الجهات ذات الاهتمام، وأن تكون حقيقة جميلة على أرض الواقع من أجل دعم وتدريب وإنقاذ وتأهيل وتثقيف وتمكين المُعنفات، وكذلك المتوقع تعرضهن للعنف من خلال الوقوف على واقعهن الأسري والاجتماعي المهدد بذلك بعد مرورهن بقنوات المطالبة بالإنصاف والعدل لوضعهن الأسري.