عن النادي الأدبي الثقافي بجدة صدر كتاب (عينان تلبسان ثوب الحزن) للقاص سيف سعد المرواني. ويتضمن الكتاب مجموعة: أنا والجدران، إشراقة خيوط الأمل وساعة العودة..
ويقول القاص في القصة التي حملت اسم المجموعة: رجل عجوز يمسك بعصا يتكئ عليها، تتسارع خطواته قليلاً، وأحياناً تنكمش. يحمل فوق ظهره كيساً، لا أعلم ما الذي بداخله، لكنه ثقيل. يمر أمامي محاولاً عبور شارع مزدحم. فجأة تتجه أنظار المارة إليه، وتحدق فيه طويلاً. يحاول أن يخفي ما اعتراه من ألم كيلا يظهره أمام العابرين. تعابير وجهه تدل على أن السنين والأيام قد أضنته. يحمل فوق كاحله هموماً كثيرة. في هذه اللحظة التي مر فيها من أمامي رأيته ينظر إلى البعيد، ويتطلع إلى الأفق. وأثناء ذلك تعثرت خطواته، وسقط بسبب حجر صغير حال بينه وبين مواصلة سيره. هرعت إليه أنا وثلاثة رجال، وقلنا له: ما الذي حدث؟ هل أصابك مكروه؟ قال: لا. رفعناه حتى نهض على قدميه وهو يرتعش. كان بجواري كرسي فجلبته، وأجلسته عليه. ما زالت عيناه محملقتين فيما حوله، وبدأ يتصبب عرقاً.
أدخل يديه في جيبه، وأخرج منديلاً، مسح به آثار العرق المختلط بالدموع. تأوه، وأطلق زفرة، ثم اتبعها بتنهيدة عميقة، تدل على أن داخله حزناً كبيراً. جلست بجواره. ربت على كتفه. سألته: يا عم، هل تنتظر أحداً؟ لم ينتبه لما قلت. ما زال سارحاً. بادرته بسؤال ثان: ما الذي في بالك؟ قال: لا شيء.