كتبت في هذه الزاوية عدة مرات، عن الأفكار التي يمكن أن تسهم في الحد من معدل البطالة، ومن بينها كيف نشجع موظفي الدولة والقطاع الخاص على التقاعد المبكر، لسببين، أحدهما توفير فرص وظيفية في القطاعات الحكومية، وتخفيف تعثر ترقيات الموظفين، خاصة الذين بقوا (مجمدين) في مراتب حكومية لسنوات طويلة، والسبب الثاني هو منح الفرصة للموظفين الأكثر شباباً ونشاطاً، القادرين على تطوير الأداء في تلك القطاعات.
وقد نشرت الصحف هذا الآسبوع مقترحاً جميلاً، يلبي مثل هذه الأفكار، تقدم به الأمير خالد بن عبدالله آل سعود، رئيس اللجنة التعليمية في مجلس الشورى، طالب فيها المؤسسة العامة للتقاعد، بالسماح للموظف الحكومي الذي يبلغ الخامسة والخمسين من العمر أو أكثر، ولا تقل خدمته الوظيفية عن 25 عاماً، بطلب التقاعد المبكر، وتسديد كامل المستحقات التقاعدية (18%) للفترة المتممة لسن التقاعد النظامي، على أن يصرف للموظف المتقاعد الراتب التقاعدي من اليوم التالي لتركه العمل، باعتبار آخر راتب قبل طلب التقاعد، وعدد الأعوام التي قضاها في العمل، مضافاً إليها الأعوام التي تم تسديد مستحقاتها التقاعدية.
وفيما لو وافقت المؤسسة العامة للتقاعد، على هذا المقترح، أكاد أجزم أن عدداً من موظفي الدولة، وبالذات ممن لديهم ظروف اجتماعية أو صحية، تعوق أدائهم مهام العمل على أكمل وجه، سيتقدمون بطلب التقاعد المبكر، مع أن سداد نسبة (18%) تمثل مبلغاً كبيراً يصعب سداده على غالبية الموظفين، فلو تكفلت الجهة الحكومية التي يعمل بها الموظف، بسداد (9%) بينما أكمل الموظف سداد الـ(9%) الأخرى، عن المدة المتبقية، لأصبح الأمر معقولاً، وقابلاً للتحقق،
ولا أقل من أن تبادر الجهة الحكومية، وتتكفل بسداد نصف المستحقات على الموظف، تجاه مؤسسة التقاعد، لشراء باقي المدة النظامية للتقاعد، خاصة أن كثيراً من الشركات في القطاع الخاص، تقدم -كل فترة- عرضاً مغرياً لموظفيها، بدفع كافة الرواتب المتبقية من المدة الباقية للتقاعد النظامي، بحيث يخرج الموظف بمكافأة كبيرة، يستطيع بها أن يؤمن مستقبله، وما تبقى له من العمر، فضلاً عن راتبه التقاعدي، وهذه الفكرة تسعى من خلالها الشركات التخفيف من الرواتب العالية لكبار الموظفين، وتوظيف مكانهم شباب في مقتبل العمر، تدفع لهم مرتبات أقل بكثير مما يحصل عليه الذين تقاعدوا مبكراً.
ولا شك أن الأمير بفكرته الجيدة، حرص على ألا يحمّل الدولة أية تكاليف تثقل كاهلها، كي يضمن بذلك سهولة تنفيذ هذه الفكرة وقبولها لدى مؤسسة التقاعد، وكافة قطاعات الدولة، ورغم ذلك يظل نظام التقاعد في كثير من بنوده ومواده غير منصف إطلاقاً، خاصة عن مستقبل هذه الأموال المقتطعة من جهد المواطن، وذلك بعد رحيله، فما سبب ألا تحصل الزوجة إلا على نصف الراتب التقاعدي لزوجها بعد وفاته؟ فأين ذهب النصف الآخر من الراتب التقاعدي؟.. سؤال أتمنى من مؤسسة التقاعد، أو ممن وضع قوانينها وأنظمتها، أن يجيب عليه.