من المتعارف عليه أن بعض المشاهير من دعاة ورياضيين وفنانين، ممن لديهم صفحات في (تويتر) يقومون بشراء متابعين وهميين، من شركات متخصصة لبيع المتابعين أو (الفلورز) وتوابعها، وحين أقول توابعها، فأعني إعادة التغريد، أو (الرتويت) كانت تفضح هؤلاء، فتجد من يتابعه مليون متابع، لا يعيد تغريدته سوى عشرة أشخاص، مما يعني أن رقم المتابعين لديه غير حقيقي، فأصبح باعة المتابعين الوهميين، يبيعون أيضا التغريد الآلي!
كل هذا، وأكثر من ذلك، معروف في (تويتر)، ولعل تبرير شراء هؤلاء المشاهير، أو أنصاف المشاهير، ممن يحبون الضجيج والظهور الإعلامي الدائم، هو أنهم مهووسون بهذا الظهور المجاني، ويريدون المزيد من الشهرة، ولكن ما تبرير أن تفعل ذلك الوزارات أو الجهات الحكومية، هو أمر محير بالتأكيد، فلا يعني المتابع عدد من يتابع حساب وزارة سين مثلا، بل يهمه جديتها وحرصها على تقديم خدماتها على أكمل وجه!
نشرت الصحف تقريرا عن عمليات (التهكير) التي تعرضت لها حسابات بعض المشاهير بالرغم من تسجيل هؤلاء حساباتهم بشكل رسمي لدى إدارة (تويتر) ودفع مبلغ مقابل ذلك، لضمان حمايته، ولكن منح معلومات الحساب من اسم ورقم سري، لشركات ومؤسسات بيع المتابعين، جعل هذه الحسابات عرضة للسرقة السهلة، ولا شك أن سرقة الحساب هي فرصة لبعض الشركات التي تقبض مالاً من أجل إعادته!
أعود إلى سؤالي الأهم، وهو لماذا تحرص الجهات والوزارات على شراء متابعين وهميين، بينما المتابعون الحقيقيون يعانون من سوء خدمات هذه الجهات، وهم يتابعونها بالطبع لمعرفة ما يستجد لديها بشأن الخدمات لهم، لماذا لا تكتفي هذه الجهات بالمتابعين الحقيقيين، المواطنين الحالمين بخدمات أفضل؟ لماذا لا تصرف جهودها على تحقيق آمال هؤلاء المواطنين وطموحاتهم، بدلا من اللهاث خلف المتابعين الوهميين؟
كنا فرحنا في البدايات، مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وقلنا إن فرصة ذهبية لنا كمواطنين، ولكبار المسؤولين في الجهات الحكومية، بأن يكون الحوار بينهم مباشر، وكتبت ذات يوم، وفي هذه الزاوية، ممتدحاً (تويتر) بأنه يمثل سياسة الباب المفتوح التي دعا لها ولي الأمر، وشدد على أن تكون أبواب كبار المسؤولين مفتوحة للمواطنين، ولكن يبدو أن المشكلة ليست في إيجاد وسيلة سهلة للتواصل بين المواطن والمسؤول، بل هي في كيفية فهم هذا المسؤول لهذه الخدمة، وفهم دورها بأنها مجرد وسيلة سريعة لاستقبال شكاوى المواطنين المتضررين من أمر ما، وأن دوره المكمل هو في إيجاد حلول سريعة لمشاكل المواطنين، وتسهيل تقديم الخدمات لهم، بدلا من أوهام زيادة من يتابع حسابات جهاتهم!
فأن يتابعك عشرة أو مائة مواطن، وتقوم بحل مشكلاتهم مع جهتك أو وزارتك، خيراً من أن يتابعك مليون متابع وهمي، لا يسألونك ولا ينتظرون منك شيئاً، ثم تجد أحد (الهكر) وقد اخترق حساب جهتك، ووضع مطالبته على صفحتك، أو حتى حسابك الرسمي، وهو يقول لك بأنه كائن حقيقي، وهذه هي مطالبته، إذا كنت لا تسمع!
فالمواطن يريد تسهيل أموره، وإنجازها بأفضل صورة، ومن أيسر الطرق، ولا يهمه التباهي (والترزز) في كل مكان، والحديث عن كل شيء، وملايين المتابعين، فهل تكون عمليات الاختراق جرس إنذار لهواة شراء المتابعين والتغريد الآلي؟ أتمنى ذلك.