طوال الـ18عاماً الماضية، كانت عبارة (يا جماعة .. يا جماعة) هي الأشهر ترديداً - كل ثلاثاء - على لسان (مذيع) برنامج (الاتجاه المعاكس)، عندما يفرّق بين ضيوفه المُختلفين في الرأي والاتجاه، بعد أن جمعهم في (الحلبة) ليشتبكوا، كما تشتبك (الديكة المُتصارعة)!
المُشاهد العربي (البسيط) لم يستفد من هذا البرنامج طوال (عقدين من الزمن) سوى مزيد من الفرقة، والتشتيت الذهني، فهو يتابع أسبوعياً (معركة حوارية) يخرج منها، بمزيد من اللبس والتيه حول ما يُطرح، فلا يُميز بين (حق، ولا باطل)!
محلياً يبدو أن الزميل الأنيق، واليتيم الأشهر - عامل المعرفة الجميل - الدكتور (أحمد العرفج) بدأ السير على ذات نهج الدكتور (فيصل القاسم) عربياً، فهو يجمع كل (ثلاثاء) ضيفين في برنامج (الميدان) على قناة (الرسالة)، وهما غالباً من (طلبة العلم) والدعاة، الذين تتعارض أفكارهما وأطروحاتهما، حول قضية شرعية، ليتفاكرا، ويتجادلا، ويتحاجا، أمام (المُشاهد البسيط) أيضاً، حتى إذا بلغ السيل الزبى (تدخل العرفج) بعبارة (يا قوم .. يا قوم)، والتي هي من فصيلة (يا جماعة.. يا جماعة)!
الفرق بين (القاسم، والعرفج) أن الأول يختلف ضيوفه حول (السياسة، والاقتصاد، والثقافة.. إلخ)، حتى أصبح (المُشاهد العربي) يضحك ويتسلى على همومه!
بينما الاختلاف عند الثاني حول (الحلال والحرام)، و (الجواز، وعدم الجواز) في قضايا شرعية جدلية، و(ثوابت مجتمعية)، لا فائدة مرجوة للمُشاهد البسيط منها، فهي مثار جدل بين طلبة العلم، وتعتمد على الاجتهاد والاستنباط، الذي مكانه الحقيقي (قاعات البحث والدرس)، ومجالس العلماء ليخرجوا برأي ثابت، يفيد الأمة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه (لوحدة الرأي)، ومنع الفرقة، والبعد عن التشكيك في الدين، بالفتاوى الاجتهادية والشاذة، من غير أهل العلم المُعتبرين، والمُخولين من ولي الأمر!.
بل إن المُخيف أن يطول (هيئة كبار العلماء) التجريح، بأن رأيها واجتهادها (غير مُلزم) كما حدث في الحلقة الأخيرة، حول جدلية (الاختلاط وجواز كشف الوجه)، بين الدكتور الغامدي، والدكتور العجلان؟!
يا قوم .. يا جماعة .. يا عامل المعرفة.. عرفناك مُبدعاً في طرح الهم الاجتماعي، أما (مُنزلق الجدليات) فهو (مُضر) بالمُشاهد الغلبان الذي لا ينقصه المزيد من (التشويش)؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.