من حسنات وسائل التواصل بالصورة المشاهدة، والصوت المسموع، وفورية وصول المعلومة, أننا أصبحنا نقف على نشاط مختلف لكثير من القيادات في المحافظات والمدن عما عهدنا..
بعد أن ألغى نفر منهم مظاهر الرسميات, وتخلوا عن المكاتب، ونزلوا إلى الميدان يتجولون بين عامة الناس, يقفون بأنفسهم على مجريات الشارع, ومواقف الخدمات, ويقتربون من حاجة الناس, يسمعون لهم, وينصتون لآرائهم, ويتفاعلون مع متطلبات التحديث من أجلهم, ويسددون حاجة الإضافة, والتغيير نحو كل ما يقر في نفوس البسطاء والعامة من الطمأنينة، ويدفعهم بحافزية مرتفعة نحو التفاعل الحيوي مع الحياة..
حتى أنهم يتيحون خطوط الاتصالات بينهم وبين الجمهور..
يحمد هذا لأمراء المناطق، هؤلاء الشباب الذين ضخوا في عروق الناس الأمل, والتفاؤل, وأولئك الوزراء في القطاعات المختلفة ممن بادروا نحو هذا السلوك الذي هو أول فاعلياته وكفاياته أن يكتشف المسؤول الأول حقيقة وواقع الحركة، سواء التجارية, أو الثقافية، أو الخدمية، أو الاقتصادية.. وأولئك في قطاعات الخدمات الأخرى الذين حذوا, أو كانوا فرادى يتفاعلون.. إذ يوشك على أن تختفي صورة الوسيط أدنى بين قائد الفريق العملي والمستفيدين من مؤسسته تحديداً بعد وجود هذا النمط من القيادات, وكذلك تنفيذ الخدمة الإلكترونية التي قلصت هذا الوسيط..
ثم أيضاً إن الاقتراب من الناس هو أول سلوك عملي لنتائج فاعلة، بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مذ وضع أولى لبنات المؤسسة الإسلامية في مجتمع المدينة المنورة..
ومن ثم تبعه، وحذا حذوه في ذلك خلفاؤه - رضي الله عنهم وأرضاهم -.. ثم من جاء من بعدهم وتبعهم بإحسان..
وإلى أن اتسعت المجتمعات.. وكبرت, وتطورت المؤسسات المجتمعية.. وتشعبت، وبات من الصعب مباشرة المسؤول الأول في الدائرة النظامية أمر الاحتكاك المباشر مع الشرائح العديدة والكثيفة في المجتمع، وتولت شرائح عن جداول عديدة في المجتمع، بأفرادها المختلفين في أدوارهم، وسلوكهم.. وأصبحت الحقائق في الميدان وواقع التنفيذ ليست واضحة كما ينبغي للمسؤول الأول في هذه الدوائر؛ لأن من يتولى إيصالها ليس فرداً واحداً بل هم كثر, وعادة يتطلب الأمر الثقات، والخلص والأمناء.. منذ ذلك وحتى ظهر الآن هذا النموذج الحيوي في مجتمعنا من المسؤولين، أصبحنا نعول عليهم تصحيح المسار؛ ليقتدي بهم كل فرد عامل في مجاله, وحدوده.
فالمجتمع الآن بدأ يتعامل بآليات مستجدة، وتقنيات متطورة، يسرت على المسؤول الأول مبادرة المباشرة في ميادين المجتمع، بما يمكنه من الوقوف على الأوضاع، والشرائح مباشرة.. والمتوقع أن تمضي جميع المرافق المرتبطة به وفق هذه الشفافية، ودقة العمل.
لأن الملاحظ أن ثمة رغبة قوية لدى المسؤولين الطامحين من هؤلاء بتدفق الشباب في عروقهم, ووقدة الآمال في جنوبهم، لأن يأخذوا بكل جوانب المجتمع للتطوير المتجدد، والفاعلية المثمرة.. إذ وجدنا هذا التواصل الحيوي يبث الثقة بين شرائح الناس جميعهم، وبين الشخص الأول من المسؤولين عن قطاع يخص أمورهم.. بما تبثه الأخبار المرئية، والمسموعة عنهم.
ونتطلع لأن تسري عدوى حيوية هذه النماذج منهم، وصحة مسارهم لكل فرد في المجتمع هو مؤتمن على عمل صغر, وتحدد في كله، أو كبر, واتسع في تفاصيله..
هذه عدوى حسنة, ولعلها أن تصيب الجميعَ من الناس كلاً في مجاله..
ليُبْتر كليَّة مرضُ التسيب, ووباء الفساد..
أحيي كل قائد فريق ينزل للميدان, ويتجنب هيبة المقعد, ويضفي عليه من عزمه ووعيه حيوية, ورضا, وثقة.