الجزيرة - الرياض:
بدأت تظهر على السطح امتعاضات من كبار فقهاء المصارف بعد ظهور مبادرات من الفقهاء الشباب تطالب بوضع معايير و اختبارات لتحديد مدى كفاءة الفقيه. وتساءلوا في ما إذا كانت كثرة هذه المبادرات ستجلب معها بعض الإرباك للصناعة. وكانت منظمة المستشارين الشرعيين في المالية الإسلامية (ASAS ) والتي أعلنت عن خططها في تطوير خليط من المعايير الأخلاقية و اختبار لكفاءات فقهاء البنوك. إلا أن تقارير اعلاميه قد كشفت ان هذه المنظمة الشابة تواجه عوائق تتعلق بمصداقيتها ومدى قدرتها على الحصول على دعم من الجهات التنظيمية. حيث يرى مجموعة الفقهاء ,بحسب مجلة «آي اف ان»، إن هذه المبادرة ستفشل فشلا ذريعا. وفي الجانب الآخر يرى القائمين على مثل هذه المبادرات أن صناعة المال الإسلامية تعاني ضعفا وهذا ما يساهم في إبطاء نموها.
وهنا يقول حبيب أحمد، مدير كرسي الشارقة للمالية الإسلامية بجامعة دور هام، قد لا يتقبل المستشارين الشرعيين فكرة اعتمادهم (من هذه المنظمة) وذلك لنجاحهم في الخدمات التي يقدمونها بمفردهم. ويرى أحمد أنه قد يكون من الصعوبه بمكان تسجيل المستشارين الشرعيين من الخليج في هذا البرنامج و ذلك بسبب النظرة التي يحملونها حول التفسيرات المتباينة لبعض المنتجات بماليزيا.
وتقوم مبادرة منظمة المستشارين الشرعيين في المالية الإسلامية (ASAS ) على نظام النقاط التي يجنيها المستشار الشرعي المشارك في الدورات التدريبية. وسيُطلب من الفقهاء التوقيع ،وبشكل تطوعي، على ميثاق شرف المهنة وأن يأخذوا امتحانا لتحديد حجم معرفتهم بالأمور المالية و المصرفية. ويهدف القائمين على هذه المبادرة بأن يتم تطبيقها أولا في ماليزيا قبل توسيعها على النطاق العالمي. ويقوم اختبار الكفاءة في النطاق المالي على نظام جمع النقاط التي تأتي عن طريق الدورات. وهنا يقول الفقيه الماليزي أزنان حسن:» إن هذا الاختبار سيعالج مسألة «جمود» المعرفة لدى الفقهاء». ويتابع :»إذا لم نكن حذرين فقد نجد أن هناك شخصا يدعي أنه فقيه ليُعطي بعد ذلك نصيحة خاطئة».
ويسبب التباين في الآراء حول هذه المبادرات، يرى أحمد أن هناك حلا وسطا يهدف إلى تقليل حدة هذه الاختلافات في الجوانب الشرعية. أحد هذه الحلول يتمثل في اتباع المعايير الشرعية التي تتبناها هيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI ).
ومن دون أدنى شك ان المطالب المتزايدة حول توحيد المعايير تعني أن المستثمرين قد وصلوا لمرحلة أصبحوا فيها يهتمون بهذه الأمور.
وفي الوقت ذاته تحوم الشكوك حول المبادره الأخرى التي جائت عن طريق الأكادمية العالمية للبحوث الشرعية (ISRA ) المعهد الإسلامي للتدريب و البحوث (IRTI ). وتدور هذه المبادرة إلى إيجاد ميثاق شرفي مهني للفقهاء و كذلك توحيد الجهود المتعلقة بنظام شرعنة معايير العمل للفقهاء. وتأمل «إسرا» أن تقنن هذه المبادرة مايعرف بتضارب المصالح بين فقهاء المصارف وتأمل كذلك في أن يحوز ميثاق الشرف المهني للفقهاء على دعم و اعتماد من البنوك المركزية و الجهات التنظيمية. وبالرغم من الأهداف النبيلة لهذه المبادره فإن المراقبين لا يتوقعون تنفيذ حوكمة الفقهاء بين ليلة و ضحاها. وتم إيعاز ذلك الى ضرورة دعم البنوك المركزية. ومع هذا فقد يتم الانتهاء من بنود ميثاق الشرف المهني للفقهاء في السنة الحالية. وحتى لو تم تحقيق ذلك فإن القائمين على هذه المبادره سيواجهون معضلة إرغام المؤسسات و الفقهاء على اتباعها.
وكان خبير المالية الإسلامي محمد الخنيفر قد ظهر في مقابلة صحفية مع الإعلام الماليزي أكد فيها بوجود ما وصفه بـ»فجوات» في النظام الحالي لعمل فقهاء المصارف و الذي نجم عنه تباين في الفُتيا. وأشار الخنيفر أن التشوهات في النظام الحالي (يقصد النظام المالي الإسلامي) أصبحت «واضحة لأولئك الذين يعملون بداخله» ومشدداً في نفس الوقت على أن هناك «حاجة ماسة لإصلاح الصناعة واستعادة مصداقية ما يمكن أن يطلق علية «منتج إسلامي».
من ناحية أخرى، تعمل مجموعة أخرى من أبرز فقهاء الشريعة المعنيين بالتمويل الإسلامي في العالم على إطلاق رابطة مهنية ذات إشراف ذاتي لتطوير التدريب ومعايير السلوك المهنية للاعبين في قطاع التمويل الإسلامي.
وسوف تعالج رابطة علماء الشريعة المعنية بالتمويل الإسلامي المسجلة في بريطانيا مشكلة قديمة في الصناعة وهي عدم وجود مؤهلات معتمدة معترف بها على نطاق واسع لعالم الشريعة المخول بإصدار الفتوى بشأن المنتجات المالية.
ودور عالم الشريعة داخل المؤسسات المالية هو إصدار رأي شرعي في مدى مطابقة الأنشطة والمنتجات المالية لمبادئ الشريعة.
لكن فتاوى الفقهاء، بحسب رويترز، قد تتضارب فيما بينها مما ير بك المستثمرين. وأصبحت عملية الاعتماد الشرعي للمنتجات المالية في مرمى اتهامات بتضارب المصالح لأن الفقيه يحصل على راتبه وامتيازاته من المؤسسة المالية التي تصدر المنتج المالي الذي يعتمده هو.
وتهدف الرابطة الجديدة لبناء تعاون مع مؤسسات الصناعة القائمة في أنحاء العالم وليس العمل كبديل لها.
وقال مفتي عبد القادر بركات الله نائب رئيس الهيئة «الهيئة ستساعد في ترتيب أوضاع مقدمي الاستشارات الشرعية عبر وضع معايير موحدة للتوجيه الشرعي.»
وفي الإطار ذاته، اقترح صندوق الوقف البحريني -وهو مؤسسة لا تسعى للربح أسسها مصرف البحرين المركزي- إلزام المؤسسات المالية الإسلامية باجراء تدقيق خارجي لمدى التزامها بمبادئ الشريعة يسهم في تقوية هذا الالتزام وتحسين صورة الصناعة.
وحول العالم تعزز جهات رقابية التدقيق في ممارسات التمويل الإسلامي بما في ذلك المجالس الشرعية التي تقرر مدى توافق الأنشطة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
وبما أن أعضاء المجالس الشرعية يحصلون على أجورهم في الغالب من المؤسسات التي يراقبون أنشطتها فانهم عرضة لاتهامات بتضارب المصالح ما قاد لدعوات لإشراف منفصل ومستقل.
ويتفق الاقتراح مع ضغوط متنامية لإصلاح نظام الرقابة الشرعية في دول أخرى فعلى سبيل المثال اقترح محافظ بنك الكويت المركزي محمد الهاشل في ديسمبر كانون الأول تشكيل كيان قانوني مستقل يراقب كيفية توثيق المؤسسات المالية الإسلامية لتوافقها مع الشريعة الإسلامية.
ويضع صندوق الوقف إطار عمل للرقابة الشرعية الخارحية مع فريق هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
وذكر الصندوق في بيان أنه ينبغي علي الجهات التنظيمية أن تجعل الرقابة الشرعية المستقلة ملزمة من أجل تحقيق الفائدة المرغوبة.
وسعت عدة دول من بينها ماليزيا وباكستان خلال السنوات الأخيرة لإصلاح قواعد التمويل الإسلامي وشملت الإصلاحات رقابة نشطة على مجالس الرقابة الشرعية.