في الحلقة الماضية توقفنا عند رفض العروس لكل الشخصيات التي طرحها الشاعر من شمال وشرق الجزيرة فانتقل إلى جنوبها حيث حاكم اليمن الإمام يحيى حميد الدين حيث يقول:
يابنت ذا شيخ اليمن زين الاوصاف
هذا الامام اللي بصنعاء والاطراف
يلبسك من زين القصب غال الاصناف
ومن طيب الماهود وغال التثامين
قالت عداك اللوم ماله اريدي
لو جاب ملكه والخدم والعبيدي
كيف اترك الاجواد واختار زيديادخل على الله ديرته لا تودين
وبعد اخذ ورد وقع اختيارها على الملك خالد بن عبد العزيز وقد كان أميرا وهو في العشرينات من عمره حيث قال:
يابنت هذا اللي تمنين جيناه
ذا خالد اللي ما تعدد سجاياه
قرمٍ نهار الكون تكثر رزاياه
ماله بجيله بالخيارة مبارين
صدت حيا ثم اقبلت وضحكت لي
قالت لقيت اللي له القلب يتلي
اسرع لنا ياديب دن التخت لي
وهات الخطيب وشاهدين ٍ مزكين
و قد استمر الشعراء اللاحقون على نهج من سبقهم وقد ساروا على نفس النمط إلا أن هناك اختلافا باختيار الشخصيات التي ترد في القصيدة حيث يختارون العريس من أصدقائهم ومعارفهم كما أسلفت فهذا الشاعر والراوية سعد بن عبد العزيز السليم الذي نظم عروسا حينما كان في لبنان والتي يقول فيها:
البارحة يوم انسهج خالي البال
وارتاح في نومه من ادقاق واجلال
حرام مالاج الكرى في عيوني
كلٍ رقد وهجوسي اجناس واشكال
وعقب السحور استسلم الجفن للنوم
وارتاح قلبي من هواجيس وهموم
ولا بصوتٍ مثل صوت ام كلثومينده
علي وقمت طولي وانا ذال
وقفت فوق التخت حاير ومذهول
غديت بهلولٍ ولانيب بهلول
وطبق على قلبي عن الهرج لاقول
ويش انت ومنين انت ياسيد الازوال
ولكن حيرته وذهوله لم تدم طويلا بعد أن عرف ماهيّة تلك الفتاة وذلك من خلال قوله:
شافت مدى خوفي وخافت عليّه
قالت على هونك تراي ادمية
لانيب جنيه ولانيب حيه
عروس شعرٍ ياسعد تبي رجال
جيتك بعد ما اوحيت عنك الحبابة
وانك من اللي ياصلون المهابه
قلت ايه وش مدريك انا وين انابه
قالت نشدت وقيل لي في ناسيونال
عندها لم يكن أمامه سوى الرضوخ لمطلبها مع إدراكه أن خياراته ستكون مقصورة على البعض من معارفه من الشباب الذين كانوا يدرسون في لبنان آنذاك حينما قال:
اثري فطنت لجامعة راس بيروت
وعيالنا اللي لبسهم شغل هاروت
لاشفت واحدهم يسدك عن القوت
رجعت يم المدمزيل اهذل اهذال
حيث طرح عليها عددا من الأسماء من أولئك الشباب حيث استقر رأيها على أحمد الزامل وكيل وزارة البترول سابقا. ولعل من أطرف العرائس وأظرفها قصيدة الشاعر عبد الله بن عبد العزيز السناني (الحوسان) والتي مطلعها:
سر ياقلم واللي مدبر يصير ِ
اكتب جوابٍ واردٍ من ضميري
بيوت قيلٍ من سمعهن يحير
ِمثل الجواهر يشترونه بالاثمان
ومنها قوله:
جتني تخطى عجلةٍ يوم الاثنين
قلت ويش مطلوبك بنا ويش تبغين
قالت عروسٍ من خيار المزايين
ودي برجالٍ من العقل مليان
وبعد أن نعتها بأجمل الأوصاف بدأ في استعراض البعض من الرموز والشخصيات المعروفة في المجتمع آنذاك مثل قوله:
حنا لقينا كتيبٍ بالبريدِ
موسى تراه اليوم ماهو بعيدِ
قالت انا مابيه جرمه زهيدِ
شفّي على اللي لا بحض كنه حصان
وكذلك قوله:
يا بنت هذا العوهلي خال منصور
الخيّر اللي بالمواجيب مشهور
قالت انا مابيه لو مابه قصور
دوّر بداله لي بعد يا بليهان
و منها أيضا
حنا لقينا واحدٍ بالمرازيق
عبدالله المنصور فكاك بالضيق
قالت هذا راعي تزوّج وتطليق
واليوم أنا مابيه هذاك فسقان
حيث وقع اختيارها على حمد المحمد القنيبط وذلك حينما قال:
حنا لقينا لك زبون النشامى
وجه الخياره والكرم والكراما
راعي دلالٍ يلصفن بالضلاما
مع سفرةٍ وسماط واذناب خرفان
الخيّر اللي بالخبر له محلي
طلق ٍ حجاجه بالمسير يهلي
وبديرته له مجلس ٍ مايملي
ابو محمد من حرار ٍ وشجعان
والحقيقة أن جميع قصائد العرائس تسير على نمط واحد من حيث النسق والسرد وان كان في بعضها نوع من استعراض المهارة والتفنن من خلال الربط أثناء الحوار بين الطرفين وهذا يتطلب ثقافة اجتماعية وخيالاً واسعًا لدى الشاعر لكي يستطيع إدارة الحوار بأسلوب فني وطريقة جاذبة.