..«أكون غداً بمشيئة الله في دبي؛ للحضور والمشاركة في (حفل الجزيرة السنوي- دوماً معاً 2014م)، بدعوة من (مؤسسة الجزيرة الصحافية)، وذلك ضمن كوكبة من الإعلاميين وكتّاب الرأي، حيث تنظم المؤسسة هناك ورش عمل مهنية على مدى يومين،
وتكرم في حفلها هذا، (المشاركين في النجاح)، وعدداً ممن وقع عليهم الاختيار هذا العام، جرياً على عادة المؤسسة في نهاية كل عام.
«لماذا دبي بالذات..؟
«هذا في الجانب الإعلامي، والسؤال هو نفسه إذا تم اختيار دبي في احتفالات تخص الأدب والثقافة والاقتصاد والتجارة والسياحة والفنون، وكل مناحي الحياة التي ينبض بها قلب مدينة دبي على طرف الخليج العربي الغربي.
«في زيارتي الأولى لدبي عام 2007م- وكنت في طريقي إلى طهران ومنها عبر دبي كذلك إلى المملكة- توقف اندهاشي ربما عند المطار العالمي الكبير الذي نشرف من خلاله على أشغال مطار آخر أكبر منه.
«في زيارتي الثانية في يونيو الفارط- وكنت في ضيافة قناة العربية- ولجت إلى دبي من مطار يحمل الرقم 2، وهو ضمن منظومة مطارات في مطار واحد. الدهشة تتصاعد من سلم الطائرة إلى النزل الذي سكنته، وتستمر إلى شوارع دبي وميادينها وأسواقها العامة. دهشة ممزوجة بفرح كبير، لعربي يجد أن في محيطه العربي المكتظ بكل أنواع الفشل والإحباط، ما يمكن أن يوصف بأنه نجاح وبروز وتميز.
«هذه هي زيارتي الثالثة لعاصمة عالمية في المال والتجارة والثقافة والسياحة والنظام الذي يحترمه الكل بكل دقة. سوف ألج دبي من باب المطار- لا أدري رقمه الآن- لكني سوف أبحث عن (مول العالم Mull World)، الذي أعلن عنه أمير دبي ومهندسها العبقري في 5 يونيو الفارط. إلى أي مرحلة وصلت نسبة إنجازه بعد خمسة أشهر من الإعلان عنه.
«هذا السوق الجديد في دبي، الذي يقام على مساحة (48 مليون قدم مربع)، هو مدينة جديدة داخل مدينة دبي المتجددة. بل يؤكد جدارتها بالرقم (1) على مستوى العالم، كما يقول أميرها ومهندسها (محمد بن راشد آل مكتوم).. تصوروا: (مول العالم، هو أول مدينة مكيفة في العالم- أكبر حديقة ألعاب داخلية- 180 مليون زائر سنوي- 8 ملايين قدم مربعة مساحات تسوق- 100 منشأة فندقية - 20 ألف غرفة فندقية - 3 ملايين قدم مربعة مخصصة للرعاية الصحية- حديقة ألعاب داخلية ومسارح وفعاليات وسياحة علاجية- مواقف تستوعب 50 ألف مركبة). وهناك تفاصيل أخرى يضيق المجال عن ذكرها.
«مول العالم في دبي، يعزز المكانة الاقتصادية والتجارية والثقافية والإعلامية والسياحية التي حازتها دبي من قبل. يمكن أن تكون دبي قد سحبت البساط من تحت أبراج (هونغ كونغ) الصينية كما يقول البعض، لكنها تتفوق عليها وعلى سواها، بأنها قامت في مجتمع عربي ليس في ثقافته النجاح الباهر بهذا الشكل الذي تحقق، وعلى جغرافية محدودة وصحراوية جافة، وفي منطقة مضطربة سياسياً، تتنازعها الفتن المذهبية والدينية المدمرة، فاستطاعت بحنكة وإرادة أميرها، وسماحة شعبها، أن ترتفع إلى الأعلى، بعديد من الأبراج، وسمات الجمال والبهاء والأناقة، وأن تستوعب بين جنباتها، كافة الجنسيات في هذا الكون، بدون تمييز ولا تصنيف ولا تفرقة، حتى أصبح كل من هو غير إمارتي فيها، إماراتي بالضرورة، حريص عليها في عمله، وفي علاقاته واحترامه لأنظمة البلد وتقاليدها الاجتماعية.
«هذه سابقة حميدة تسجلها دبي في عالمنا العربي. سابقة نجاح لم تعرفها المدن العربية من قبل، ولعلها تكون النموذج الذي يحتذى به في المستقبل. إن إعجابي بدبي، هو بما حققت من تفوق ونجاح، ليس فقط في إقامة الأبراج والأسواق والمهرجانات المتنوعة، ولكن في ترسيخ ثقافة احترام النظام في حياة الناس العامة، وفي المعاملة العادلة بين مواطنيها ومن هم مقيمون فيها، فأنت تشعر أن الهندي والباكستاني وخلافه من الجنسيات، هو مواطن إماراتي، يعنيه مصلحة دبي، ويهتم لنظافتها وأمنها وسمعتها، ويعكس صورة مشرقة لما تود أن تقوله هذه المدينة عن نفسها، لضيوفها في المطار، أو في سيارة (الليموزين)، أو في السكن، أو حتى في الأسواق والأماكن العامة.
«دبي عاصمة الإمارات المالية والتجارية والسياحية والاقتصادية والثقافية، بل هي عاصمة العرب والعالم في هذا التميز الذي تنفرد به، بل هي كل العالم في التخطيط والانفتاح على قارات العالم أجمع، فهي المدينة الوحيدة التي جلبت إليها رؤوس أموال من كل هذه القارات، وأصبح العالم كله شريكاً في دبي، وفي نجاحات دبي، وفي نهضتها وتجربتها الرائعة، والعالم لا يمكن أن يتسامح مع من يفكر مجرد تفكير في المساس بثرواته الطائلة واستثماراته في دبي، وسوف يقف في وجه كل من تسول له نفسه الاقتراب من هذه الثروات في أسواق دبي، وهذا يذكرني بالوضع الكويتي أيام الغزو الصدامي لأرضها، يوم ذاك؛ وقف العالم كله مع الدولة التي لم يعد لها وجود على الخارطة، فرأينا كيف كانت عملة الكويت المنهزمة ترتفع للأعلى، وعملة العراق المنتصرة تنخفض للحضيض، وتأتي جيوش العالم كله لردع العدو الغاشم، وإعادة الحكومة الكويتية وأهلها لأرضهم، وهذا لم يكن لسواد عيون الكويتيين، ولكن لعيون الأموال الكويتية واستثماراتها التي كانت تُشغل ملايين البشر في قارات الغرب والشرق.
«إذا اجتمع المال والفكر والإرادة، تحقق النجاح لمن ينشد النجاح. هذه هي إرادة الحياة لمن أرادها:
ومن لم يعانقه شوق الحياة
تبخر في جوها واندثر