يعلم جميع العقلاء أن كرة القدم (فن راق وجميل) يحتاج إلى فكر ومال وثقافة وثقة ووقت وعمل وحضارة ومسئولية، ومسئولين ولاعبين ومدربين وإدارة وطموح وروح وإمكانيات وجماهير وأندية ونظام وتنظيم واحتكاك، وإعلام، وبسبب هذه التركيبة العجيبة والخلطة المعقدة جدا لا نعرف إلا منتخبات قليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة هي التي لها شخصية واضحة وقيمة ثابتة وتحترم نفسها وتحترم جماهيرها ولا تتغير مستوياتها ونتائجها بشكل فج وصارخ، وليس لها أي علاقة في تقلبات (أسعار الطماطم)، أما منتخباتنا العربية وخاصة في الخليج فهي من الممكن في بداية الأسبوع أن تهزم الأرجنتين وفي نهاية الأسبوع تخسر من أضعف فريق (مع كامل الاحترام والتقدير للأشقاء ولكننا هنا نتحدث عن إمكانات وعن واقع مرير وتذبذب يجعل الحليم حيران؟!! أيها السادة بغض النظر عن الفوز أو الخسارة في كأس الخليج نحن نتحدث عن منتخب للوطن وليس عن منتخب لكأس الخليج أو كأس آسيا، والهدف بناء منتخب قوي مشرف منتخب للوطن ولكل المناسبات، منتخب بشخصية وقيمة ثابتة، منتخب يسجل أهدافا بسبب أنه يلعب كرة قدم حقيقية كما يلعب الكبار، وأهدافه تسجل في شباك الخصوم كنتيجة لما يقدمه من مستويات راقية ومقنعة وجماعية بأسلوب السهل الممتنع، نحتاج إلى الكثير والكثير من العمل، وليكون المسئول على علم أن المنتخب أو النادي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحصل على مستويات ثابتة من لاعب يعيش حياة متقلبة متذبذبة ماديا ومعنويا، شهرا يتصدق ويهدي وثلاثة شهور يستدين أو يستجدي الحصول على حقوقه، شهرا يهدي أخاه أو أخته (أيفون) وشهرا جواله مقطوع ويرسل (كول مي) ليتحدث مع الإداري المسئول، وإذا لم يعش اللاعب في استقرار مادي ومعنوي وانضباط سلوكي فنحن نعبث بالمال والوقت والجهد لنصنع الفشل ونحزم موقفنا ونصدم الجماهير من جديد؟! ولا بد أن يتم سحب وقت الفراغ الذي يعيشه اللاعب ولابد أن يدخل ضمن عباد الله الذين يطبقون الآية الكريمة
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} (11 سورة النبأ). صدق الله العظيم، حتى ولو بقوة النظام والتمرين الصباحي، وإلا سوف يستمر الحال والتذبذب والتقلب بالمستوى والمزاج والنتائج و الأخلاق،، وفاقد الشيء لا يعطيه، وهذا يعني أنه يجب إعطاء اللاعبين حقوقهم كاملة بدون تأخير أو مماطلة أو منة من أحد؟!!، ويجب محاسبتهم وبقوة وبدون عاطفة، (كما كان يفعل البلجيكي جيريتس بالهلال) فمن غير المعقول والمقبول أن نطبق القوانين الصارمة فقط على العمال وحراس الأمن ومن في حكمهم وهم الذين يعملون (7) ساعات متواصلة يوميا مقابل راتب (3000) ريال،؟!! ونترك الحبل على الغارب للاعب الذي معدل دوامه (ساعتين) باليوم ويستلم (400) ألف ريال أو أقل أو أكثر شهريا؟!! ونجعله يعيش حياة الفراغ والترف والمزاح والسهر إلى الصبح، بشكل يومي ينام مع الفجر ويصحو مع المغرب؟!! ولا يمكن أن نستجدي حضور الجمهور من أجل دعم المنتخب فالمشجع لن يحضر ويتحمل المشاوير والزحام والشمس والحر والبرد والمطر وقيمة التذكرة والعلم والشال ويطلي وجهه بشعار المنتخب والمنتخب لا يثق بنتائجه؟!! فجميع منتخبات العالم المرموقة والكبيرة تحترم نفسها وجماهيرها وإن لم تقدم لهم النتيجة تهديهم المتعة والفرجة والمستويات الراقية التي تشعرك أن هذا الفريق لديه أسلوب واضح ومنهجية وتنويع وحلول، هجومية وقادر على الاختراق وفك التكتلات الدفاعية التي عانينا منها كثيرا، وغير منطقي أن نقنع متعصبا أن لاعب الهلال أو لاعب النصر أو لاعب الاتحاد أو الأهلي أو الشباب أنه عند ما يرتدي شعار المنتخب هو يمثل الوطن، ومن العبث أن نبحث عن طريقة يتم من خلالها إيقاف هذا البرنامج أو ذاك أو هذا الإعلامي أو ذاك، وليكون المسئول في اتحاد القدم والجهاز الفني والإداري للمنتخب على علم أن إعداد المنتخب الصحيح والمباريات الودية القوية والنظام الصارم والمحاسبة الدقيقة حتى بالأكل والنوم واللبس سوف تصنع لنا منتخبا وطنيا يلعب كل أفراده بروح المقاتل والمحارب والعسكري وليس بروح (المليونير) الثري الذي ينعكس فراغه من جميع النواحي على سلوكياته وتقليعاته بالملابس والقصات، ويجب على المسئول أن يعلم أن المنتخب الذي يتمسك بالجماعية والقوة واللعب الرجولي سوف يحقق نتائج إيجابية تصنع الفرح والانتصارات والمستويات الراقية والنتائج المشرفة تصنع النتائج، والنتائج والمستويات الثابتة، هيرأس القطار الذي سوف يجر خلفه كل عربات المجال الرياضي إلى الطريق الصحيح، مثل الإعلام والتحليل والتعليق والحضور الجماهيري والنقاد والإعلانات، إلى الشهرة والمجد.
(واللاعب الواعي هو الذي يكون مخلصاً كادحاً داخل الملعب أجل الوطن وإسعاد الجماهير، والحكمة تقول، (عندما يكون اللاعب كادحا داخل الملعب من أجل الوطن وإسعاد الجماهير فإنهم سوف يجعلون منه عملاقا محبوبا يستقبل بالهتاف والورود أينما حل وارتحل) وعندما يكون لدينا منتخبات ترفع الرؤوس وتسعد النفوس وتحصد الكؤوس، سوف يتسابق الجمهور إلى المدرجات والإعلام لن يكف عن المديح والشكر والتمجيد والشعراء سوف يكتبون القصائد ويتغنى الفنانون بمجد الوطن، ويجب أن نكون من أفضل (20) منتخبا كما نحن من ضمن مجموعة دول العشرين اقتصادياً.