إن حفظ الأنفس والممتلكات وتأمين الأوطان أمر أجمعت عليه عقول بني الإنسان، وجاءت بالتأكيد عليه سائر الشرائع، وعظمت شأنه الكتب السماوية، وفي القرآن والسنة من ذلك الشيء الكثير، وتعدد الأدلة على موضوع واحد يدل على تعظيم هذا الأمر وخطر الوقوع فيه.
وقد كان لخوض بعض الشباب في دائرة العنف والتكفير أثر شمل غالب البلاد الإسلامية ولم تكن بلادنا -حرسها الله- بمنأى عن هذه الفتنة، ومع تجدد الصراعات في بعض البلاد القريبة نشأت جماعات تتبنى منهج الغلو واستباحة الدماء، ومن آخر ما أصابنا منهم هذه الأحداث القريبة في بعض مدن ومحافظات المملكة من تشكيل خلايا تسعى للخراب وترويع الآمنين، وتعود بالسوء على بلادهم وأوطانهم، ولولا الله ثم يقظة رجال الأمن لكان لهم عبث في الأرض وفساد، وقد ذهب ضحية ذلك بعض رجال الأمن رحمهم الله وتقبلهم في الشهداء.
والوطن ملك للجميع كما أن الدفاع عنه واجب على الجميع ومع تجدد الأحداث يجدر بكل غيور المساهمة في تبيين إعوجاج هذا الفكر والتحذير من الخوض فيه، وأن انجرار البلاد إلى الفتن يعود على الجميع بما لا تحمد عقباه، ومتى ما كان المجتمع يداً واحدة وصفاً واحداً صعب اختراقه وكان حصناً منيعاً في وجه دعاة الفتن وأرباب الفساد.
ومما يجدر التنبيه إليه في هذه الأحداث:
1- أن الفكر المنحرف له إعلامه وأجندته الخاصة فلا بد أن يكون تبيين الحق صريحا معلنا على المنابر وفي الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي ليكون بقوة وحجم الطرف الآخر بل أقوى وأوضح.
2- أن الدعوة إلى الوسطية هي دعوة إلى اتباع الكتاب والسنة وليست دعوة مبتدعة وليدة حدث أو رأي، فينبغي للمتحدث عنها سوق الدلالات من الوحي ليتبين أن الرجوع إلى الوحي المطهر فيه العصمة والنجاة.
3- لا ينبغي أن تكون حياتنا مبنية على ردود أفعال عاطفية تشتعل تارة وتخبو تارات بل ينبغي التذكير والحديث عن هذه المواضيع بين الفينة والأخرى فلا ننتظر حدثا لنتكلم فإن لم يكن هناك حدث سكتنا!
4- التعاون بين المواطن ورجل الأمن مطلب ضروري، وهو من الدين ومن أهم ما يساعد على القضاء على هذه الانحرافات.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.