أ. أحمد المديني صدر له مؤخراً كتاب (الرحلة المغربية إلى بلاد الأرجنتين وتشيلي البهية.. وقال المؤلف عن الرحلة إلى الأرجنتين: حين تقول هنا أنك في الشارع فاعلم أن الكلمة تملأ فمك حقاً.. تملأه بالمساحة والمسافة والعمران والتجارة.. بالبشر الغادي على مد البصر، بالمدنية منها الاحساس أنك موجود في المدينة حقاً ومع بشر المدينة.
الشارع خط ممتد منسق في رسمه، على جانبيه رصيفان واسعان أقرب إلى باحتين لا نهاية لهما يتيحان السير والنزهة والتسكع للراغب فيه، وقبل ذلك هو باحات فسيحة أمام المحال التجارية والشركات والبنوك والمقاهي والفنادق.
وفي بوينس إيرس بالذات مدينة الشوارع المديدة العريضة، المنسقة، المتوازية، والمتقاطعة فروعاً وأزقة، المصقولة نظافة تستطيع بمران بسيط أن تمشي أعمى تستدل على عناوينك من غير أن تحس بالتشابه أو التكرار.
سكان الأرجنتين لهم من الغربيين تهذيبهم وهدوؤهم وانضباطهم ونظافتهم، بينما هم مختلفون بحميميتهم الدافئة، وباحتفالياتهم الجميلة والبسيطة.
ليل الأرجنتين، أماسيه هو موسيقى التانغو، رقصة، طقسة، فضاؤه حزنه الدفين وبهجته، لن تجد أحداً يعرف لك ما هو التانغو.
واهتمام شعب الأرجنتين بكرة القدم كبير ومثير..
مارادونا صوره في كل مكان.. وعلى التذكارات.. قمصان، وأقلام، ومفكرات وحمالة مفاتيح.
مارادونا.. أيقونة وطنية بامتياز.. لم ينقص منه ما حل من آفات.
وعن تشيلي قال المؤلف: تذكرت شاعر تشيلي بابلونيرودا: الذي قضى جزءاً من حياته في التمثيل الدبلوماسي في عواصم هامة حين تجولت في شوارع تشيلي فأسماء الأدباء على الشوارع بدأت دخولي إلى تشيلي من الجنوب.. بوريتو فاراس بلدة صغيرة، سياحية بامتياز.. بالمارينا والفنادق والكازينو، والعمارات المبنية فوق التلال المطلة على الساحل ذات الشرفات المشرئبة إلى الشاطئ وأضواء الفوانيس المنيرة على طوله.. بينما تتلألأ خلفها الباحات المعلقة للمطاعم.
الطف وأجمل المرح ما تمنحه لك بيوت البلدة بالطابع السائد في جزيرة كيلوي.
وصلت إلى سانتياغو.. شوارعها تقنعك بتخطيطها الحسن من أول نظرة في امتداداتها، وتقاطعاتها، والفروع تصب فيها جداول، ونظام سير محكوم بعلامات ومواقف ومنعطفات، تذكرك في كل مرة أنك في حاضرة عريقة، ومدينة أصيلة لا طارئة.
تركت خطوي يقودني أرى بعيني وشمي، من الشوارع إلى المنتزهات والمساحات الخضراء، وهي تفضي لبعضها والعمارات بناؤها قائم في الوسط أو بينها كأصص أزهار في شتل.
في هذه المدينة تحتاج إلى أيام وأنت تمشي لا عن غير هدى ولكن وأنت تتنزه متنقلاً بين محطات مترو هي أثر بذاتها فمحطة قطار حولت إلى مركز ثقافي.