سجلت إيرادات المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الثلاثة (2011 - 2013) سجلت إيرادات تريليونية حيث كانت 1.1 تريليون ريال عام 2001م، و 1.2 تريليون عام 2012م، و 1.1 تريليون عام 2013م، وربما تسجل هذا العام 2014م إيرادات تريليونيه نظراً لتعافي أسعار النفط في الثلاثة الأرباع الأولى من العام.
طبعاً هذه الإيرادات العالية كانت بسبب (1) ارتفاع أسعار النفط الدولية، (2) ارتفاع كميات الصادرات السعودية للنفط الخام، فقد كانت المملكة تصدر تقريباً 7.5 مليون برميل يومياً، وكان سعر النفط أكثر من 100 دولار للبرميل، وبحسبة بسيطة تكون نتيجة عملية الضرب تريليون ريال.
وبالنظر إلى ضعف الطلب على النفط المتوقع عام 2015م، وأيضاً توقع الأسعار حوالي 75 دولاراً للبرميل، ستكون الإيرادات المتوقعة 770 مليار ريال، أي بانخفاض حوالي 330 ملياراً أو 30%.. بلا شك هذا سيؤثر على دخل المملكة والنمو الاقتصادي والتنموي، وقبل التحدث عن التداعيات، يجب أن نذكر هذا الإيراد جيداً ولا يعيب النفط، فالأسعار تخضع لعرض وطلب، وتوقعات ومخاوف، وغيرها من العوامل الخارجة عن إرادة المملكة.
نتعجب من تغيُّر كبير في الإيرادات، يقابله تطمينٌ وحرصٌ على التطمين دون توضيح ولا تفصيل ولا تقارير أو دراسات.
من المتوقع أن تتأثر المصروفات في الموازنة إذا كانت نظرة وزارة المالية وقراءة وزارة البترول للمستقبل تشاؤمية، أما إن كانتا تنظران لهبوط الأسعار مؤقتاً، فمتوقع من المالية أن ترسم الموازنة كما كانت لو بقيت الأسعار مرتفعة، ويتم الاستعانة (مؤقتاً) إما بقروض محلية أو سحب من الاحتياطيات النقدية.
يقف الجميع محتاراً، هل هبوط الأسعار مؤقت.. أم أنه طويل المدى؟.. هذا يحدده عوامل كثيرة خصوصاً تباطؤ الطلب من الصين وزيادة الإنتاج من النفط الصخري في أمريكا.
إذا قرأنا المعلومات التي تعلنها وكالة الطاقة الأمريكية وتقارير البنوك الدولية نتيقَّن أن الأسعار لن تتعافى قريباً، ويبقى مستقبل النفط غير تفاؤلي، أما في الطرف الآخر، وفي الدول المصدرة للنفط، فنجد الوزارات (فقط تطمّن) إما بتصريح قصير بدون تفاصيل، أو أحياناً بابتسامات تعجبية!!!
الغموض ليس من التصاريح فقط، بل غياب المعلومات والدراسات في الدول المصدِّرة جميعها، فليس من المنطق أن تعمل وزارات تحرّك اقتصاد الدول دون دراسات يطلع عليها الجميع، وليس لمعرفة الشأن النفطي فقط، بل لقراءة الأسواق المحلية، فالمواطن من حقه أن يعرف إن كان يستثمر في الأسواق.. أم أن المستقبل مخيف ويحوّل استثماراته إلى ادخارات تقليدية.
لم تعد سياسة التعتيم تُعنى بالخصوصية فقط، ولو كانت كذلك لاحترمها الجميع، ولكن أصبحت ضرراً على أسواق التداول التي يقودها القطاع المصرفي المرتبط بحجم الموازنات وقطاع البتروكيماويات المرتبط بأسعار النفط.
أصبحنا في حيرة بين تقارير غربية تشاؤمية لمستقبل نفطنا، و (1) يقابله غياب للدراسات والتقارير، و (2) تعتيم في تفاصيل النظرة المحلية للجهات المعنية، و (3) حرص زائد جداً على التطمين!!!
مقلق ارتفاع مخزون ما تحت الأرض من النفط الصخري من 32 مليار برميل عام 2011م إلى 345 مليار برميل عام 2013م في دول العالم، هذا يعادل إنتاج نفط جميع دول أوبك لمدة 31 عاماً حسب إنتاج اليوم، لم نقرأ تعليقاً محلياً تفصيلياً «غير تطمين».
مقلق ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة للنفط حيث وصل إلى 8.8 مليون برميل يومياً وهو الأعلى منذ 28 عاماً، مقلق انخفاض واردات النفط الخام الأمريكي إلى 7.7 مليون برميل يومياً، وهو الأدنى منذ 18 عاماً، مقلق انخفاض واردات الولايات المتحدة (أكبر مستهلك للنفط) من دول الأوبك إلى 3.5 مليون برميل يومياً وهو الأدنى منذ 25 عاماً، ولم نقرأ عن دراسات محلية لمستقبل النفط والبتروكيماويات والمعادن عدا تطمينات دون أدنى تفاصيل.
دون الرجوع لمحتويات الخطة الخمسية، والرجوع إلى الدراسات الأخرى، المنظومة الاقتصادية والتنموية بحاجة إلى تنبيه لضرورة توفير معلومات أولية تهم بقية قطاعات المنظومة، وعلى وزارة التخطيط والاقتصاد قيادة «توفير» هذه الدراسات بالتعاون مع وزارتي البترول والمعادن، والمالية.