في السابق كان من الصعب أن تتم الإجابة عن سؤال يتعلق بمستوى أداء الدوائر الحكومية، إذ إن أداء تلك الدوائر كان متقارب ولا توجد هناك أي جهة متخصصة لقياس أداء تلك الدوائر الحكومية وبشكل عام فإن معظمها لم يكن يصل للحد المطلوب لكسب
رضى المراجعين، وقبل حوالي 6 سنوات صدر قرار مجلس الوزراء رقم 187 وتاريخ 4-7-1429هـ بإنشاء مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية في معهد الإدارة العامة كمرحلة أولى لمدة خمس سنوات يتولى من خلالها قياس أداء الأجهزة الحكومية، إلا أن صعوبة تطبيق مثل هذا القرار كانت تكمن في طرح المؤشرات السنوية التي تعكس أداء تلك الجهات الحكومية والتي يبلغ عددها حوالي 185 جهازاً حكومياً معتمداً من وزارة المالية وبالتالي يمكن من خلال تلك المؤشرات معرفة مستوى أداء تلك الجهات من خلال قياس الكفاءة الإنتاجية للأجهزة الحكومية عن طريق الكشف عن مدى الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمالية.
كان الهدف من تأسيس المركز هو تقديم خدماته الاستشارية في مجال قياس الأداء المؤسسي من خلال مشروع تطبيق قياس الأداء وفق المنهجيات العلمية والممارسات العملية الحديثة والتي من أبرزها (بطاقة الأداء المتوازن). ويعمل المركز على مساعدة الأجهزة الحكومية في تطوير وتصميم بطاقة الأداء المتوازن على المستوى الإستراتيجي، والحصول على نسخة من تطبيقات الحاسب الآلي الخاصة ببطاقة الأداء المتوازن وقياس مؤشرات الأداء كما يتضمن هذا المشروع تنفيذ دورات تدريبية وورش عمل لتطبيق بطاقة الأداء المتوازن حسب جدول زمني محدد ويختتم المشروع بتقديم تقرير شامل لأداء الجهاز الحكومي من خلال بطاقة الأداء المتوازن والتي تتضمن مقاييس ومؤشرات الأداء التي سيستخدمها مركز قياس الأداء في قياس فاعلية وإنتاجية وكفاءة الأجهزة الحكومية.
قبل 3 سنوات قدم الدكتور مشبب القحطاني مدير عام مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية بمعهد الإدارة ورقة عمل إلى ندوة (قياس الأداء في الأجهزة الحكومية) ركز في جزء منها على تحليل واقع قياس الأداء في الأجهزة الحكومية موضحاً أن نسبة الأجهزة الحكومية التي لديها وثيقة خطة إستراتيجية مكتوبة 46 %، ونسبة الأجهزة الحكومية التي لديها رؤية ورسالة واضحة هي 58 %، أما الأجهزة التي لديها أهداف إستراتيجية فلا تتجاوز 46 %، أما ما يتعلق بجاهزية الأجهزة الحكومية لتطبيق قياس الأداء، فلا يوجد سوى 15% من الأجهزة الحكومية لديها وحدة متخصصة بهذا العمل في حين هناك 77 % من الأجهزة توكل هذا الأمر إلى جهات إدارية أخرى كالتطوير الإداري والمراجعة الداخلية وغيرها من الجهات الإدارية الأخرى، كما أشارت النتائج أن 38% من عينة الدراسة لديها تقارير لقياس أداء الأجهزة الحكومية.
ومن أبرز المشكلات التي تواجه تطبيق هذا القياس لدى الجهات الحكومية هو الشعور بعدم أهمية هذا القياس وندرة وجود الموارد البشرية المتخصصة والمدربة التي يمكن أن تقوم بهذا القياس إضافة إلى عدم توفر البيانات والعوامل الأولية لتطبيق هذا القياس في الدوائر الحكومية وكذلك عدم وجود الأنظمة والقوانين التي تفرض وجود هذا القياس على تلك الأجهزة الحكومية على الرغم من أن إحصائيات ورقة العمل أكدت أن غالبية الإدارة العليا تستشعر اهتمام المسؤولين في الأجهزة الحكومية.
وحتى نستطيع أن نقيم مستوى أي جهاز إداري سواء كان حكومي أو خاص يجب أن يتم الحكم عليه من خلال مقاييس ومؤشرات واضحة وأن لا يكون الحكم من خلال آراء أو اجتهادات شخصية أو انطباعات أو مواقف أو عواطف بل يجب أن يكون الحكم على مستوى أداء الجهة التي يتم تقييمها قائم على أساس علمي واضح ومراجع من قبل جهات محايدة.
إن عدم وجود مقياس واضح لقياس أداء تلك الأجهزة الحكومية سيساهم في استمرار حالة الفوضى الموجودة اليوم لدى بعض الأجهزة وقصور الخدمات التي تقدمها، كما إن هذا الأمر قد يجعل أي إدارة حكومية سواء كانت في التعليم أو الصحة أو الضمان الاجتماعي أو المرور أو الاتصالات أو المياه أو الكهرباء أو العمل أو الأحوال المدنية أو الجوازات أو الدفاع المدني أو غيرها من الجهات الحكومية تعتقد بأنها تقدم أفضل أداء حكومي بناء على مؤشرات خاطئة في حين أنها تقدم الأسوء.
كم أتمنى أن تكون هناك جائزة لأفضل جهاز حكومي يقدمها مركز قياس أداء الأجهزة الحكومية بناء على بطاقة الأداء لنشهد تنافساً بين تلك الأجهزة لتقديم أفضل خدمة ممكنة للمواطنين.