قامت وزارة العمل مؤخراً بطرح مسودة قرار إتاحة الفرصة للسعوديات للعمل في محلات الذهب، والإشارة إلى أن هناك اشتراطات لعمل السعوديات في تلك المحال، منها ضمان توفير بيئة عمل آمنة ومناسبة للنساء والعوائل،
وتوفير مقاعد لهن وتخصيص أماكن للاستراحة وأداء الصلاة ودورات مياه وغيرها من الاشتراطات الأخرى التي سبق للوزارة أن أعلنتها في تعميمها لمحلات الملابس النسائية ومحلات العطور والتجميل.
وفي استطلاع عام أجرته إحدى الصحف فقد رفض التجار هذه الخطوة مؤكدين أن المرأة لا تتحمل مسؤولية محل يضم سلعاً بمبالغ تصل إلى ما يزيد على المليون ريال أو أكثر، كما أن الملاك سيجدون صعوبة بالغة في إدارة المحلات وحمايتها من السرقات، وقد تشهد تلك المحلات زحاماً مما قد يسبب إرباكاً للعاملات وفرصة لزيادة السرقات، مشيرين إلى أن التجارب السابقة لعمل المرأة في محلات بيع العبايات أو الملابس أو العطور تختلف تماماً عن العمل في محلات لا تتجاوز دخلها 50 ألف ريال، وذلك عكس محلات الذهب التي تضم سلعاً ذات مبالغ كبيرة تصل إلى الملايين.
البعض يؤكد أيضا أن مثل هذه الخطوة فيها مخاطرة كبيرة، فالرجال يجدون صعوبة في إدارة مثل هذه المحلات فكيف بالنساء خصوصا أن نوعية الذهب تحتاج إلى خبرة طويلة وفطنة ودراية، كما أن معظم عمليات شراء الذهب تتم من خلال نساء مع أولياء أمورهن فالرجال هم الذين يدفعون القيمة فكيف سيكون التعامل معهم، ومع ذلك فقد طرح آخرون بعض الحلول المقترحة كتدريب القريبات من الأسرة على أمور العمل أو تخصيص أسواق معينة لبيع المجوهرات وبإدارة نسائية.
أحد الخبراء في قطاع الذهب والمجوهرات أكد أن ما نسبته 98% من محال الذهب ستغلق في حال تم اتخاذ قرار بتأنيثها، مشيراً إلى أنه من المستحيل أن تقوم امرأة على أمر محل ذهب ومجوهرات يضم عدة ملايين من الريالات، فهو أمر لا يمكن أن يتحمله تاجر أو البائعة، كما أنه لا يتوافر لدينا بعض المميزات الموجودة في الخارج من تأمين أو توفير رجال أمن أو اشتراطات دخول العوائل أو تغطية المرأة لوجهها، مما لا يتيح معرفة هويتها وفي حال توفير كل ما سبق فإن ذلك سيؤثر مباشرة على ارتفاع سعر الذهب وارتفاع مصروفات العمل.
مع تقديري لكل ما سبق من ملاحظات على عمل المرأة في محلات الذهب واحترامي لكافة وجهات النظر الممانعة لمثل هذا القرار، إلا أنه يجب علينا أن لا نربط تلك الأسباب بأمانة المرأة أو الثقة فيها أو ضعف قدراتها أو خبرتها، فالبعض وللأسف ما إن تذكر المرأة إلا ويذكر كافة ما يحفظه من أقوال تقلل من شأن المرأة ويصفها بضعف الثقة والتشكيك فيها، إضافة إلى أنها عاطفية ويمكن أن يتم خداعها بسهولة، متناسياً أنه نفسه كرجل قد استأمن المرأة على ما هو أغلى من الذهب والمجوهرات وهم أبناؤه، كما أستأمنها على بيته وعائلته، كما أن المرأة وهي ممرضة أو طبيبة مستأمنة على أرواح الناس وهي مستأمنة على الأطفال في المدارس وهي مستأمنة على الأموال في فروع السيدات في البنوك، وعندها من القدرات والإمكانات ما أكدت من خلاله أنها قادرة على أداء الكثير من المهام وبكل تميز.
قد يكون الحديث بهذا الخصوص عن ضرورة جعل الأولوية في توفير فرص العمل في هذا المجال للشباب وليس للشابات، أو نتحدث عن عدم ملاءمة الظروف ومواقع العمل في محلات الذهب الحالية أو نتحدث على طبيعة المجتمع وخصوصيته، لكن يجب علينا أن نبعد عن وضع أسباب الرفض بضعف أمانة المرأة أو ضعف حرصها واهتمامها أو التشكيك في مصداقيتها أو التشكيك في قدراتها وأخلاقها.
لقد كسبت المرأة ثقة القيادة وثقة مجتمعها، فها نحن نراها اليوم في مجلس الشورى وفي المجالس البلدية وفي الغرف التجارية وفي كثير من مرافق الدولة، ولابد علينا أن نعزز هذه الثقة وأن نسعى لتطويرها لتواصل مساهمتها في بناء المجتمع وتنميته.