أكد خبير اقتصادي أن سوق النفط العالمي يستعد لأهم اجتماع لمنظمة «أوبك» الخميس المقبل لتحديد سعر بيع الخام في الفترة المقبلة. موضحاً أن الاجتماع يأتي في وقت يشهد فيه سوق النفط تراجعاً كبيراً، وهو ما يتوقع الكثيرون أن يكون سبباً في حالة من الركود الاقتصادي في أكبر الأسواق في العالم وهو السوق الأمريكي، وبما له من تداعيات على أسواق العالم. وقال الخبير محسن عادل إنه وسط كل هذه التغيرات السياسية الحالية بالمنطقة، يبدو أنه وقت غير مناسب للاستثمار في النفط، خاصة بعد أن واجهت أسهم شركات الغاز والنفط تضخماً بعد انخفاض الأسعار، ولكن وكما يعلم معظم المستثمرون، يمكن أن تشكل اللحظة التي يهرب فيها غيرك فرصة مثالية لصفقة مربحة.
وأضاف عادل أنه خلال الأشهر القليلة الماضية شهدت أسواق الطاقة العالمية إضافة عامل جديد ومؤثر في توازنها، ألا وهو توجه العديد من الدول إلى استغلال احتياطياتها من النفط الصخري، ما دفع الأسواق إلى دخول مرحلة جديدة من مراحل تطورها تتمثل ملامحها في: أولاً حدوث ما يشبه الطفرة في إنتاج النفط.. وثانياً تحول مستهلكين تقليديين للنفط مثل أميركا إلى منتجين رئيسيين له، إذ تخطى الإنتاج الأميركي مستوى الواردات لأول مرة منذ عقود، ما يفرض على مصدري النفط إليها ضرورة البحث عن أسواق جديدة.. أما ثالث الملامح فهو تصاعد دور الأسواق الآسيوية كوجهات رئيسية لتصدير النفط بدلاً من السوق الأميركية والأسواق الأوروبية.. ورابعاً أن ما يزيد من تغير ملامح السوق هو تصاعد التوتر بين روسيا ثاني أكبر منتجي النفط في العالم من ناحية، وأميركا وأوروبا أكبر مستهلكي النفط في العالم من ناحية أخرى، الأمر الذي يزيد ضبابية المشهد لما ينتج عنه من تضارب في المصالح بين الطرفين بشأن أسواق النفط والطاقة.
وتابع: لابد من الإشارة إلى أمور عدة هي: أولاً أن أسواق النفط العالمية والمتغيرات المؤثرة في تحركاتها في المرحلة الراهنة باتت على درجة كبيرة من الحساسية والتشابك، الأمر الذي يقضى بضرورة أن تتفاعل الدول المنتجة والمستهلكة للنفط على حد سواء وليس دول أوبك فقط مع هذه المتغيرات والمستجدات بحرص وحساسية أيضاً في إطار من التنسيق يضمن مصالح الجميع، وهناك حاجة ماسة إلى أن ينظر الجميع إلى الأسواق العالمية في صورتها الإجمالية من دون تغليب الأهداف الوطنية على الأهداف العالمية أو العكس. أما ثاني الأمور المهمة فهو أن ما تشهده أسواق النفط العالمية الآن من تغيرات سواء في داخل الأسواق ذاتها أو فيما يحيط بها من جوانب وقضايا اقتصادية وجيوسياسية وتكنولوجية واجتماعية وغيرها، يحتاج من الجميع مستهلكين ومنتجين إلى زيادة مستويات الشفافية وتبادل البيانات والمعلومات بشأن ما يحدث من أجل زيادة كفاءة الأسواق ومساعدتها على تحقيق أهدافها. وثالثها: أن قراءة مدققة في السلوكيات السابقة لـ»أوبك» توضح أن المنظمة لم تهتم بحماية مصالح أعضائها فقط، بل إنها وضعت أهداف ضمان استقرار الأسواق ودعم الانتعاش الاقتصادي العالمي بين أولوياتها. أن هذا أمر يبدو منطقياً إلى حد كبير، فاستقرار الأسواق والانتعاش يمثل ضمانة حقيقية لتأمين الطلب العالمي الفاعل على النفط، ويضمن استقراره بما يعود بالنفع مرة أخرى على أعضاء «أوبك»، ويحمى مصالحهم، وهو بالطبع لابد من أن يشغل المنظمة في اجتماعها المقبل. ولا يوجد شيء مؤكد سوى أن الهبوط الحالي في الأسعار يخلق فائزين وخاسرين، والخاسرون هم المنتجون والدول والحكومات، فإذا تراجع برنت عن مستوى 80 دولاراً للبرميل، فستخسر الدول الأعضاء في منظمة الأوبك حوالي 200 مليار دولار من المكاسب التي حققوها مؤخراً والبالغة تريليون دولار. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن استمرار هبوط الأسعار سوف يجبرها على تخفيض المصاريف الرأسمالية المستخدمة في توسيع الإنتاج مما سيعيق زخم ثورة الغاز الصخري الأمريكي.
ومن ناحية أخرى سيفوز الاقتصاد العالمي بأكمله بما يعادل برنامج تيسير كمي مما سيساعده على دفع النمو الاقتصادي المتعثر، حيث إن تراجع الأسعار ستوفر عليه 1.8 مليار دولار يومياً أي حوالي660 مليار دولار سنوياً.