مؤخراً صدر (1435هـ - 2014م) كتاب «قصة التلفزيون في المملكة العربية السعودية» ومؤلفه د. عبدالرحمن الشبيلي الإعلامي والمؤرِّخ المعروف والذي دأب على توثيق مراحل متنوِّعة من تاريخنا على اختلافه إعلامياً واجتماعياً، وسياسياً، لكونه ساهم في صياغة إنجازات بعينها، كما كان شاهد عيان لغيرها.
الكتاب جاء يروي قصة التلفزيون السعودي خلال حقبة زمنية وفي إطار مكاني حدده المؤلف، وفي ذلك يوضح المؤلف « حرصت منذ البداية... على أن تتركز الحلقات السبع التي شاركت فيها، على الجوانب التاريخية التي قد تخفى على المشاهدين، وهي الجوانب التي تخصصت في جمعها والكتابة فيها على مدى العقود الماضية، وذلك منذ أن بدأت الدراسات العليا في أمريكا (بين عامي 1967و1971م)، حيث تمحورت رسالة الماجستير حول تاريخ التلفزيون السعودي، ورسالة الدكتوراه حول الإعلام في المملكة.
أما الإطار الزمني لهذه الحلقات، فيبدأ من عام 1383هـ (1963م) وهو العام الذي بدأ فيه التخطيط لتأسيس التلفزيون الحكومي، وينتهي في عام 1397هـ (1977م) العام الذي انتقلت فيه من وزارة الإعلام إلى وزارة التعليم العالي».
والمؤلف يروي مواقف توارت في المجتمع وفي الوقت ذاته غابت عن الجيل الحاضر الذي لا يعرف عنها شيئاً من مثل: ردة فعل المجتمع عندما رأى البث والشاشة وفي ذلك يوضح موقف اجتماعي من الجميل استعادته للوقوف على أن أي شيء جديد لا بد أن يواجه بمعارضة وفي ذلك يقول المؤلف: «في الحقيقة لم تجر دراسات عن تلك الفترة على حد علمي، المجتمع انقسم إلى أقسام، قسم كان متلهفاً جداً، وهو الأغلبية كانوا متطلعين لمشاهدة التلفزيون الوطني، وقد نسجت حكايات وطرف عن تلك الحقبة، كان منها ما يقال عن إسدال بعض النساء الغطاء أمام مذيعي التلفزيون في بعض القرى، أو تشبيه أقمشة معينة بأشكالهم.
وقسم تعود على مشاهدة التلفزيون من خلال السفر إلى الخارج أو من أرامكو، يمثّل نسبة كبيرة من الناس كانوا على معرفة بطبيعة التلفزيون، وكانت هناك بطبيعة الحال، فئة قليلة جداً محافظة ترفض التلفزيون، وأعتقد أنه بولغ في ممانعتها».
وعن إسهام المرأة في التلفزيون يذكر المؤلف شهادة للتاريخ هي: «في البدايات الأولى لم تظهر فيها المرأة مطلقاً، وبعد ذلك بدأ التلفزيون يسمح بمشاركة المرأة صوتاً بلقطات يكتفي منها باليدين، وكانت في البدايات الزميلات فريال كردي ومنيرة الأحيدب ولولوة إبراهيم العماري ممن شاركن ببرامج الأسرة بالصوت فقط، وكان عرض برنامج المرأة في تلفزيون الدمام محصوراً في المنطقة الشرقية في البداية نظراً لمرونته وجرأته كما سلف، فالمجتمع هناك تعود على تلفزيون أرامكو وعلى الانفتاح، مما يؤكد أن هناك تنوعاً واختلافاً اجتماعياً بين المناطق، وإذا كان للمرء أن يسجل مزايا مجتمعية للتلفزيون، فإن له شيئاً من الفضل في صهر المجتمعات المتباينة بالمملكة في مجتمع واحد بعد أن أصبح البث موحّداً الآن، ولم يعد هناك كثير من الاختلاف بين أطياف المجتمع، على أنه لا بد من الإشارة إلى أنه في نهاية عام 1387هـ (1967م) أنتجت محطة الرياض برنامج مجلة الأطفال، وكان من إعداد محيي الدين القابسي وتقديم فتاة سعودية بالصوت والصورة، لكن البرنامج لم يدم طويلاً»
الكتاب مليء بالذكريات ومليء بالشواهد التي توثّق مرحلة مهمة، ويشكر د. عبدالرحمن الشبيلي على إخراج هذه الصور من الذاكرة لتكون ناطقة بالحرف في كتاب ممتع من بدايته إلى نهايته.