هناك عشرات الرحلات الغربية التي نشرت بلغاتها الأصلية الإنجليزية والألمانية والفرنسية وغيرها منذ القرن السابع عشر الميلادي وإلى القرن العشرين، وظلت هذه الرحلات محجوبة عن القارئ العربي لا يعرف عنها إلا من خلال ما قد يرد من خلال ثنايا دراسة أو كتاب سنحت لمؤلفه الاطلاع على واحدة من تلك الكتب بلغتها الأصلية فاقتبس منه أو أخذ منه بعض الإشارات والمعلومات.
ثم بدأت رحلة لترجمة بعض هذه الرحلات إلى اللغة العربية فانتشر هذا النمط من الترجمات وتكرر ترجمة بعض الأعمال من أكثر من شخص ومن أكثر من دولة عربية. وفي المملكة هنا تعددت الترجمة أحياناً بين جهات مختلفة.
وأصبحت هذه الترجمات في أيدي الباحثين يعتمدون عليها ويقتبسون منها ويصدرون بعض الأحكام نتيجة ما أورد الرحالة الغربي نفسه باعتبار أن ما يقوله يعبر عن رؤية مباشرة، ونذكر في هذا السياق أمثلة للرحالة الذين حظيت كتبهم بانتشار من مثل بلجريف وداوتي وهوبير وفالين ورونكيير وبلنت وفلبي وبوركهارت وغيرهم كثير، وبالمجمل لا يمكننا إنكار أهمية كتب الرحالة لما تحمله من معلومات عن جوانب عديدة للمناطق التي زاروها.
ولكن الملاحظ من خلال استخدامي لبعض مثل هذه الكتب المترجمة أن أغلبها إذا ورد فيه شيء من الجزيرة العربية أو إذا كان بأكمله عن الجزيرة العربية فتقع فيه أخطاء كثيرة من قبل المترجم وقد تكون من قبل الرحالة نفسه، فإذا كان في مقدورنا مناقشة الخطأ الذي كان يريد من الرحالة لأن خطأ معلومات تتعلق بتاريخ أو موقع أو غير ذلك، أو يعبر عن مفهوم خاطئ عن العرب والمسلمين فهذه قد نعرف أسبابها.
ولكن عندما يكون الخطأ في الترجمة بنقل اسم معروف ومشهور بصيغة مخالفة أو إيراد أسماء القبائل على نحو غير صحيح أو أسماء المدن والأماكن فالأمر يصبح «كارثة» ومن المؤسف القول إن هذا واقع معاش في كتب الرحلات التي ترجمت بشكل حرفي.
ومن الملفت أن تجد ترجمة قد تكون نشرت من أكثر من جهة وفي أكثر من بلد ثم نجدها تصدر في بلد بأخطاء فادحة في اسم صاحب الرحلة وفي عنوان كتابه الأصلي مثلاً، ولعل المتابعين لهذا الموضوع وقفوا على أنماط من هذا النوع من التراجم..
الأمل أن لا يقوم أي فرد أو أي جهة في داخل المملكة أو خارجها بتولي الترجمة إلا إذا كان المترجم على معرفة تامة بالمنطقة وأهلها وكل دقائقها وتفاصيلها حتى تأتي الترجمة دقيقة لأن هذه الترجمات على درجة من الأهمية إذ سيأتي من يعتمد عليها وينقل فإذا كانت فيها أخطاء... شاعت.