أطلت علينا بطولة الخليج، بكل ماضيها الجميل بتفاصيله وتناقضاته وحتى مشاحناته. لا غنى لنا عن هذه البطولة، وإن حاول البعض تحجيمها أو تهميشها. فهي بكل بساطة، موروث جميل وعادة أخوية في زمن قلت فيه مثل تلك المعاني.
وعلى سبيل العادة أيضاً، كان لزاماً علينا بحكم (خصوصيتنا) أن نتفرد بشيء مميز.
ففي كل بطولة، ننقل معنا خلافاتنا الداخلية، لننشرها كغسيل قذر أمام إخوتنا الخليجيين. فيركب الموجة منهم من يركبها، ويترفع عنها من وجد في نفسه ذرة احترام لعقليته وللمتابعين وللمناسبة.
لكن في هذه المرة، أوجدنا لنا (خصوصية) سترهق من يأتي بعدنا كثيراً طمعاً بالوصول لمراحلنا المتقدمة في الاختلاف أو التخلف، سمها ما شئت، فالنتيجة واحدة.
أستطيع أن أتفهم إعجاب مشجع بمنتخب آخر، ويحضر لمساندته في الملعب للاستمتاع والمؤازرة.
وأستطيع أن أتفهم تعلق مشجع بلاعب معين، فيدعو له بالتوفيق والنجاح.
وأرفع القبعة لمشجع حضر في الملعب إثراءً للبطولة منطلقاً من إحساس عميق بالحدث ورغبة في المشاركة بإنجاح حدث تنظمه البلاد.
كل ما سبق مقبول ومتاح للجميع، بشرط ألا يتعارض مع مصلحة المنتخب الوطني الذي يمثّلنا جميعاً رغماً عن أنوف المرضى.
ترسيخ مبدأ أن الوطنية والرياضة لا يلتقيان بتاتاً في أي نقطة، ليس إلا شرعنة للكراهية وللتنفيس عن مكنونات صدور أعياها سواد القلوب.
أطفال يلبسون شعار ناديهم ويحملون أعلام دولة شقيقة، ولكنها منافسة لمنتخب الوطن.
دعوات بفوز منتخب شقيق منافس على منتخب الوطن لأن لاعبي ناديهم لا يشاركون في التشكيلة الأساسية.
والعديد من مظاهر الجهل المقزّزة التي لا تسعها مسبباتهم وادّعاءاتهم.
هل يفتخر الآن من نافح عن تشجيع الفرق المنافسة لأندية الوطن في كل محفل خارجي؟
هل يتباهى الآن كل من عصر عقله بحثاً عن مسببات مشروعة للحقد على الآخرين؟
الشهادة لله، أنهم نجحوا في مساعيهم.
إعلام جاهل وجد لمرضه منصةً لعرض بضاعته الكاسدة، فلم يفوّت الفرصة.
ساعات من البث لتكريس الكراهية بين أبناء الوطن تحت ذريعة (تراها كورة).
إسهاب في التعصب، توسيع لشرخ في علاقاتنا، وتأكيد على أن الكراهية تأتي أولاً.
والنتيجة...
مواطنون يهتفون ضد منتخبهم في المدرجات.
والقادم مذهل أكثر.
خاتمة...
إن لم تستحِ، فاصنع ما شئت