بعيداً عن كوني أحد كتّاب الجزيرة، لكنني أتفق مع كل الذين اعتبروا عناوينها وتغطياتها والحشد الواضح لمقالات كتّابها وكاتباتها، خطوة مميزة وإيجابية في التعاطي مع مجريات وتبعات الاعتداء الآثم على الآمنين في قرية الدالوة بمدينة الأحساء.. وهذا لا يعني التقليل من شأن المنابر الإعلامية الأخرى، بل هو رصد للحالة الشعبية والإعلامية الرائعة، التي التفَّتْ التفافاً واضحاً لرفض أية محاولة لاستباحة دماء الأبرياء، ورفض أية تبريرات، مهما كانت، لهذا العمل الوحشي.
إنَّ من غير الصحي أن ندخل اليوم في أنفاق الآراء الشخصية التي قد تنعكس سلباً على الأوضاع الحساسة والمتأزمة التي وضعنا فيها، رغماً عنا.. علينا كمؤسسات إعلامية وكإعلاميين وككتَّاب وكمغردين وكأفراد، أن نتجنب التصعيد وأن نسعى للتهدئة، فليس من مصلحة أحد أن يتحوّل الخلاف بالرأي إلى عنف مسلّح، يذهب ضحيته الأبرياء من طرفي الخلاف.. ولو نحن أسلمنا الأمر للأهواء الشخصية المتطرفة والأمزجة المذهبية والفكرية المتشنّجة، لتحوّلنا إلى ساحة حرب، لا يعلم إلاّ الله إلى أي دمار ستأخذنا.
إن المسؤولية الملقاة على عاتق الجزيرة، وعلى عاتق غيرها من المنابر المقروءة والمرئية والإلكترونية، مسؤولية تاريخية، فهي الجدار الذي ستتحطم عليه محاولات المراهنين على أن تكون هذه الحادثة الإجرامية شرارة التأزيم في العلاقة فيما بين المواطنين، وفيما بينهم وبين الدولة.. ومهما كان حجم هذا الرهان، فإننا سنتجاوزه بحول الله، كما تجاوزنا ما هو أصعب منه.