* وردني مقطع أخاذ للدكتور فهد السنيدي عبر (الواتس أب)، أخذنا في دقيقتين إلى حدث وقصة وردة فعل، ختمها بتساؤل وجهه لبعض المسلمين الذين يذمون الإسلام بِذَمهم للمسلمين.. وهل هم مأجورون أم ليس لديهم ضمير أم فاقدون للأخلاق؟.. لقد حاصر الدكتور فهد جالدي الذات من ثلاث جهات، لكنه ترك الضلع الرابع مشكوراً مشرعاً؛ حتى يتاح لإخوانه وشركائه في الوطن السعودي أو العِرْق العربي أو الدين الإسلامي أن يتقدموا بعذرهم في جلدهم لذاتهم.
* لكني أتساءل: ألم يخطر في بال الدكتور فهد أن الغضب يدعو إلى أفعال لا يقرها العقل والمنطق، ومنها جلد الذات؟.. إنه منطق الغضب، وهو منطق عجيب، كلنا نعرفه، ولا يحتاج إلى إثبات.. وهو شبيه لحالات أخرى، تصيب الإنسان فتجعله يفعل أموراً محيرة!.. أولم يسمع بأن الاكتئاب يحض على الانتحار.. وأن القهر يقود إلى الانفجار.. وأن وقوفك أمام من يدمر سمعتك ويشوه تاريخك ويؤلب عليك الأمم والشعوب يصيبك بالإحباط؟.. فالذي يجري أخي الدكتور فهد هو سد لأفق المستقبل، وليس أمام المحبطين سوى تفجير أنفسهم أو جلد ذاتهم.. فبماذا تنصح؟
* كيف ارتبط ديننا بالإرهاب.. وكيف ارتبط عِرْقنا بالتوحش.. وكيف صارت أوطاننا نهباً للمغامرين وأصحاب الثارات؟.. وحينما ترى تآمر الأنظمة والمنظمات والجماعات والأحزاب على مجتمعاتها هو السائد.. وترى الحلال حراماً لأغراض، والحرام حلالاً لأسباب.. وترى أن المجتمع صار لا يتصرف ولا يفكر إلا بفتوى.. وحينما يتحول القرآن الكريم من (بيان للناس) إلى شفرة لا يفك رموزها ولا يعرف تأويلها إلا هم.. فهل جَلْدك لهم هو جَلْد للدين!؟.. إننا بعد جلد ذواتنا نجلد هؤلاء الذين حولوا ديننا إلى دين مغلق.. فتراجع العقل مقابل تأويل النقل.. وتراجع الظاهر أمام الباطن.. وتم جرنا كالقطيع إلى الشتات والدمار.. فتوقفت التنمية، وتخلفت الأمة، وافتقر المجتمع، وغُيِّب الفرد حتى صار يؤمن بالخرافات، ولا يستنكر الهرطقات.
* الجلد للذات أقل حقوق المقهورين المسحوقين الذين يُسَيَّر أبناؤهم وقوداً للمنظمات الإجرامية.. وتسيَّر مقدراتهم وفق تأويلات لعلماء أفذاذ في زمانهم، لكنهم لا يصلحون لزماننا.. وصيروا ديننا إلى حالة كهنوتية، ترتكز على أداء الطقوس دون فهم لأبعادها الفكرية ومقاصدها؛ لذلك يبدو ديننا لا حقوق فيه للإنسان.
* أخي الدكتور فهد، إن جلد الذات مؤلم، ويزيد القهر قهراً.. إضافة إلى أنه يميت النفس؛ فلا تأمل بالمستقبل، بل تخاف منه.. لكن ما العمل؟