من المنتظر أن يزور نور سلطان نزاربييف رئيس جمهورية كازاخستان المملكة في إطار بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومنها العلاقات الاقتصادية المبنية على الاستثمار المتبادل، وتعميق التعاون الثنائي، ولاسيما أن الاتفاقيات المشتركة بين البلدين ترتكز على توسيع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بينهما وزيادة حجم التبادل التجاري وتفعيل العلاقات بين رجال الأعمال من خلال مجلس الأعمال السعودي - الكازاخستاني.
وتؤكد تلك الاتفاقيات على أهمية التزام حكومة كازاخستان بحماية رأس المال السعودي عبر التزامات محددة من بينها السماح بحرية تحويل الأرباح بدون قيود، والعمل على إيجاد آلية لحل إشكالية النقل بين البلدين وإنشاء شركة مشتركة للنقل، وإيجاد أنظمة صارمة للحد من الإغراق، وتسهيل دخول المنتجات السعودية إلى أسواق كازاخستان، فيما تشكل اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي والاتفاقية الثنائية لحماية الاستثمارات منعطفا مهما في مسيرة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وعلى الرغم من إمكانيات كلا البلدين إلا أن حجم الاستثمارات الثنائية بين الدولتين تعتبر متواضعة، ما يحتم على الشركات الكازاخستانية زيادة استثماراتها في المملكة التي تنعم باستقرار سياسي ورفاه اقتصادي وحيث تتوافر آليات التمويل وتوجد العديد الفرص الواعدة للاستثمار.
وتعمل كازاخستان على تطوير قطاع الأعمال الزراعي بهدف رفع قدراته التصديرية وذلك على أساس المنفعة المتبادلة للمزارعين الوطنيين والمستثمرين الأجانب، في ظل انخفاض معدل الإنتاج الزراعي في الدول الزراعية الرئيسية بفعل التغير المناخي، حيث تشير بيانات المحللين إلى أنه إذا كان متوسط نمو الإنتاج العالمي من السلع الزراعية في الثمانينات قد بلغ 30 مليون طن، فانه قد وصل على مدار العشرين عاما الأخيرة إلى 12 مليون طن، بينما سينخفض في الفترة حتى2030 ليصل إلى 9 مليون طن، في الوقت الذي سيصل فيه عدد سكان الأرض بحلول عام 2030 إلى 8.9 مليار نسمة. وطبقا لتوقعات البنك الدولي فإن حل مشكلة الغذاء في هذه الفترة يتطلب زيادة حجم إنتاج الحبوب بنسبة 50 % واللحوم بنسبة 85 %، الأمر الذي يؤكد أهمية استغلال إمكانات الدول التي تمتلك موارد طبيعية زراعية ومائية وغيرها من الموارد غير المستغلة.
كما تمثل الثروة الحيوانية باحتياطاتها الهائلة التي تملكها كازاخستان مجالا مهما بالنسبة للمستثمرين السعوديين، فتوافر المراعي الطبيعية الشاسعة في البلاد يتيح فرصة هائلة لإنتاج منتجات حيوانية قادرة علي المنافسة ونظيفة بيئيا. وتمتلك كازاخستان ما يقرب من 6.7 مليون رأس من الأبقار، وحوالي 19.3 مليون رأس من الأغنام، و1.5مليون رأس من الخيول وما يزيد على 34 مليون من الطيور، كما أن لديها إمكانات فعلية لمضاعفة عدد الرؤوس من مختلف أنواع الماشية. وإذا أضفنا إلى ذلك الاحتياطات المتوافرة لزيادة إنتاجية الحيوانات فإن كازاخستان يمكن أن تصبح أكبر مصدر للمنتجات الحيوانية في العالم، حيث تشير تقديرات الخبراء إلى أن الإمكانات التصديرية لكازاخستان من اللحوم على سبيل المثال لا تقل بل تفوق بكثير إمكاناتها التصديرية من القمح.
ومن بين أكبر الاتجاهات الواعدة للاستثمار في كازاخستان مجال تصنيع المنتجات الزراعية الخام، حيث يمثل هذا المجال فجوة خالية تحتاج للأعمال، إذ لا يتعدى حجم تصنيع المنتجات الزراعية في كازاخستان 23.7% من اللحوم المنتجة، و33% من الألبان، و11% من الطماطم، و5% من الخضر والفاكهة، في الوقت الذي تستورد كمية كبيرة من المنتجات الزراعية المصنعة سنويا، وخاصة الألبان المجففة ومعلبات اللحوم والخضر وغذاء الأطفال وغيرها. وطبقا لما ينص عليه قانون الأراضي في كازاخستان تؤجر الأراضي الزراعية إيجارا طويل الأجل أو تملـَّك، أما بالنسبة للأجانب فهناك نظام الانتفاع المؤقت، أي الإيجار، لمدة تصل إلى 10 سنوات، وبعد انقضاء المدة الأولى يمكن تجديد مدة الإيجار إذا رغب المستأجر في ذلك.
وتشكل المساحة المزروعة لجميع المحاصيل الزراعية 21.1 مليون هكتار، منها للحبوب 16,2 مليون هكتار، بما في ذلك : القمح 13,8 مليون هكتار، والمحاصيل الزيتية على مساحة 1.8 مليون هكتار، والقطن 160,600 هكتار، وبنجر السكر 21.0 ألف هكتار، والبطاطس184.2 ألف هكتار. كما أن لدى جمهورية كازاخستان إمكانات جغرافية وطبيعية هائلة. حيث تقع على مساحة تعد في المرتبة التاسعة الأكبر في العالم ( 2,717,300 ) كيلومتر مربع. وتنتج كازاخستان ما يقارب من 25 مليون طن من الحبوب، وحاجتها الاستهلاكية في حدود 10 إلى 12 مليون طن. وتتميز كازاخستان باستقرار سياسي، وموارد مائية ضخمة جدا، وخبرات زراعية متخصصة ، وعمالة وافرة، ونظام اقتصادي واستثماري جيد، يتيح الفرص للاستثمار الأجنبي المستقل، أو بالمشاركة مع القطاع الخاص المحلي، أو المشاركة الحكومية.
وتعتبر كازاخستان من أكبر دول آسيا الوسطى من حيث المساحة والتي تعادل في مساحتها 5 أضعاف فرنسا وتحتل المرتبة التاسعة على مستوى العالم من حيث المساحة الجغرافية متقدمة المملكة التي تحتل المرتبة 14 على مستوى العالم من حيث المساحة ، ونظرا للحجم الهائل للثروات الطبيعية والاستقرار السياسي لجمهورية كازخستان، فاقتصادها يعتبر اكبر اقتصادات آسيا الوسطى، وقد انتهجت جمهورية كازخستان نهجا تنمويا لاستغلال ثرواتها الطبيعية الهائلة وكذلك تنويع صادراتها لتشمل الموارد الأخرى غير النفطية، وقد قدر إجمالي الناتج المحلي لجمهورية كازخستان في عام 2008 بحوالي 177 مليار دولار، وقدر الدخل الفردي من الناتج القومي الإجمالي 11,500 دولار في عام 2008 . وتعتبر كل من روسيا، الصين، ألمانيا، إيطاليا وفرنسا من أهم الشركاء التجاريين لجمهورية كازخستان. وكانت المملكة وكازاخستان قد اتفقتا فيما يتعلق بالمجال الزراعي على مكافحة مشكلة الإغراق فيما يخص المنتجات والخدمات الزراعية وفي حالة ظهور حالة الإغراق سيقوم الجانبان باتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحته، مع بحث الجانب السعودي إمكانية ضخ استثمارات من خلال القطاع الخاص في مشاريع مشتركة لإنتاج الحبوب، ودراسة مدى الاستفادة من إمكانية توريد الحبوب الكازاخستانية عن طريق الصوامع التي تملكها الشركات الكازاخستانية في موانئ أزوف الروسي، خيرسون الأوكراني ، فينيس الأتفاني، ودراسة إمكانية تصدير المنتجات الحيوانية الكازاخستانية إلى السوق السعودي وتبادل الخبرات في مجال إنتاج الأصواف والجلود واللحوم ، وبحث إمكانية إنشاء شركات مشتركة في مجال المنتجات الزراعية والأغذية الجاهزة وفقاً لمبدأ المساواة والمنفعة المتبادلة ، وتبادل المعلومات لإجراء الأبحاث العلمية في مجال مكافحة الأمراض الوبائية والطب البيطري والتشخيص ورصد والوقاية من أمراض الحيوانات والطيور، والتعاون في مجال الدراسات المتعلقة بتربية الإبل، عن طريق تبادل الخبرات والزيارات في هذا المجال، والتعاون في مجال الزراعة العضوية والمقاومة الحيوية ضد الحشرات والأمراض النباتية والاستفادة من الخبرة والأبحاث في هذا المجال.