من المعلوم في ديننا الإسلامي، أنه أعطى كل ذي حق حقه، وأنه أوجب على كل واحد واجبات، وقرر له ما يقابل ذلك من الحقوق.
ومن ذلك ما يتعلق بالمرأة، فإن الأصل أنها مساوية للرجل في الأحكام الشرعية، إلا ما ورد من الاستثناءات لحكم شرعية، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، كما قال - تعالى -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (228) سورة البقرة، فالإسلام رفع من شأن المرأة، وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بهن خيراً، وذلك لما لهن من آثار عظيمة في المجتمع الإنساني، فهي - بكل تأكيد - المدرسة الأولى للمجتمع، وهن المؤثر الأول في الوجدان الجماعي:
الأم مـدرسة إذا أعددتــها
أعددت شعباً طيب الأعراق
ولئن كان من الرجال من يعرف للمرأة مكانتها ويحفظ لها حقها ويقدرها حق قدرها - وهم ولله الحمد كثير - إلا أن في مجتمعنا رجال يكلفون المرأة ما لم يكلفها الله به، ويطلبون منها ما لا تطيقه، ويحملونها مسؤولية كل ما يقع في المجتمع من مساوئ، أما ما يحصل من الأمور الحسنة والجميلة فينسبونه للرجل:
* فالشاب إذا ارتكب جريمة. أو جريرة، كان السبب أمه، وإذا وقف موقفاً شجاعاً، امتدح الناس أباه الشجاع.
* وإذا أخفق في دراسته، أو فشل في عمل، فالأم هي التي دللته فوق اللازم، وأما إذا نجح وتفوق فالفضل لأبيه.
* والبنت إذا انحرفت - لا قدر الله -فالمتهم الوحيد هي الأم وسوء تربيتها، وإذا كانت جادة مستقيمة قال الجميع فيها: والله بنت أبيها.
* وإذا كان الرجل فقيراً، فالزوجة هي من أفلسته، وأفقرته، وأما إذا كان غنياً موسراً، فلأنه عصامي ذكي يعرف من أين تؤكل الكتف.
* وإذا قصر الرجل مع والديه وأقاربه، فالسبب هو العقربة الزوجة، وأما إذا كان بارّاً بهما، محسناً إليهما، فهو الرجل الصالح التقي.
* وإذا خان الرجل زوجته، قالوا: لو لم تكن مقصرة في حقه لما لجأ إلى خيانتها.
* وإن تزوج عليها، أو طلقها، قالوا: إن هذا حقه الشرعي، أما إن تزوجت بعد طلاقها، ولها أبناء، فهي امرأة غير وفية، باعت أولادها، وتركتهم يضيعون.
* وإذا كانت ملابس الرجل رثة، وهيئته متسخة، قالوا: إن ذلك من إهمال زوجته، ولو لم تكن متسخة هي بنفسها لما تركت زوجها كذلك، أما إن كان أنيقاً ولباسه نظيفاً، فالفضل له هو ؛ لأنه رجل راق، ويهتم بنفسه وهيئته.
* وإذا كان الرجل حزيناً كئيباً، قالوا: إن السبب زوجته، فقد أرته النجوم في عز الظهر، وإن رأوه سعيداً، قالوا: لعله ترك زوجته، أو أخذها إلى بيت أهلها ؛ لأن وجودها سبب التعاسة.
* أما إذا كان الرجل يحترم زوجته ويحبها ويقدرها، قالوا: إنه رجل ضعيف الشخصية، أو أن امرأته سحرته.
فيا أيها الناس، إذا لم نستطع تطبيق وصية الرسول بالنساء خيراً، فلنتذكر قوله: «ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم» وإذا لم نتذكر ذلك ؛ فعلى الأقل يجب الإنصاف، فإذا رأينا الرجل متسخ الثياب - مثلاً - كانت زوجته ملومة على إهمالها، وإن رأيناه أنيقاً نظيف الثياب، قلنا: إن الفضل لزوجته التي تهتم به، أما أن ننسب كل تقصير وتفريط للزوجة المسكينة، ونجردها من كل أمر حسن فهذا ظلم قبيح، والظلم ظلمات يوم القيامة، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.