تفاجأت يوم الأحد الموافق 18-12-1435هـ بابنتي مارية تقول إن مديرة مدرستها (الثانوية السابعة) بالأحساء تقاعدت فأصبت بصدمة حتى أني لم أستطع حبس عبرتي وكأني فقدت إنساناً من أعز الناس علي، نعم إنها فاطمة السكيبي التي حرمت نفسها مما تمتع به مثيلاتها من النساء حيث تفرغت لتربية بناتنا حتى صارت مثلاً في الشدة عند قوم ومثلاً في الأمانة عند قوم ومثلاً في القدوة في التربية.
نعم لقد حرصت على بناتنا أكثر من حرصنا عليهن، تتابع حركاتهن وتحركاتهن بدقة ليس لها نظير، ماذا في حقائبهن وماذا في جيوبهن وحرصت على الفضيلة أكثر من الفضيلة ربتهن على الحشمة والحياء والصبر والجد، أعدتهن نساء المستقبل وأمهات الأجيال القياديين لا مجال للميوعة عندها، تتابع البنات بدقة أعظم من تربيتنا، تتابع من يأتي بالطالبة وتذهب مع من؟ تتأخر البنت فتسألني لماذا تأخرت ثم تتأكد لعل الذي أتى بها أبوها كما في البطاقة أم لا؟ تأخرت بنتي في أحد الأيام فطلب مني الفرّاش ألاَّ أذهب حتى تتأكد مع من جاءت البنت فرأيت غيري يتذمر من هذا التصرف أمَّا أنا فحمدت لها هذا وشكرته؛ إنه الحرص على أعراضنا تعامل البنات على حد المساواة تعرف للطالبة المهذبة المؤدبة حقها فترعاه بكل أمانة، تعرف البيت الذي يربي والبيت الذي لا يربي؛ فتعطي كلاً حقه وتحاول بقدر ما تستطيع الأخذ بيد الطالبة المهملة بحزم وجدية ليس لها نظير. وإذا أحست أنَّ الخلل من البيت تواصلت مع البيت فيفرح قوم ويأنسون ويعرفون أنَّ بنتهم في الحفظ والصون لأنها تغار على بناتهم ويسخط قوم من غرتهم الدنيا وزخرفها ومدنيتها الزائفة حتى أهملوا فلذات أكبادهم يرعاهم السائق والخادم وتخلوا عن رسالتهم فمع هؤلاء يأتي الحزم والشدة من فاطمة السكيبي بقناة صلبة لا تنثني حتى أمام أعتى الرجال فلله درها من امرأة، ورحم الله بيتاً أنجبها فياترى هل انتهت فاطمة يا رجال التعليم، يا معالي الوزير هل ستبقى حبيسة أربعة حيطان في منزلها وهي لا تزال تعطي، بل كلها عطاء.. لا لا لا يليق بنا إهمال المخلصين النزيهين الأمناء، لا لا لا يليق هذا ببلاد نقول إنها تحرص على الفضيلة وتحكيم الشريعة فهي أولى من غيرها في التصدر في كل ما من شأنه التقدم بأمتنا بل حتى مجلس الشورى فهي أجدر من غيرها فتكون ضمن المسؤولين عن خطط التعليم في بلادنا فالمخلصون الأمناء هم من أبعد الناس عن التملق ومزاحمة الناس ومن أبعد الناس عن الظهور فهم كالذهب يجب أن يفتش عنه هذا والله من وراء القصد.