أشرتُ أمس للصوص الأثرياء، والذين لا يشكّل الوطن ومستقبل الوطن شيئاً بالنسبة لهم. هؤلاء لا يهتمون إلاّ بالمليارات المتزايدة في أرصدتهم السويسرية، ولذلك فإن مقالات الكتّاب وبرامج الحوار التلفزيونية أشبه عندهم بالأحافير الهيروغليفية! وما لم تكن هناك يد من حديد، تضرب كل من تسول له نفسه الاقتراب من المال العام، سواءً كان نفطاً أو مناقصات مشاريع، فإن هذه الظاهرة الأكثر فساداً، ستنمو وتتناسل من الكبار إلى الصغار.
وإذا كان النقاش يدور حول مراقبة تصدير المنتجات النفطية، فأنا مع الطرح الذي يطالب بشركات متخصصة لمراقبة المنافذ البرية والبحرية، فمن خلالها نشهد أكثر محاولات النهب والسرقة، وليست بعيدة عنا قصص المتنفذين الذين كانوا يهربّون النفط في وضح النهار من موانئ المملكة، والتي كنا نتصوّر أنها لن تتكرر أبداً، فإذا بمجلس الشورى يشير في جلسته الأسبوع الماضي، إلى خسائر سنوية تقدر بـ18 مليار ريال، نتيجة النهب البري والبحري للمنتجات النفطية، وربما كان الخافي أعظم!
هل سيتم وضع عراقيل لمثل هذه الخطوات الإجرائية لمراقبة تهريب النفط؟
أكيد، وهذا طبيعي، فكل برنامج إصلاحي يواجه ممانعة من المنتفعين، من خلال حروب ظاهرة وخفية، صغيرة وكبيرة، إلى أن ييأس المصلحون من برنامجهم، بل من حياتهم، ويرفعون رايات الاستسلام. والتحدي أن نجد محاربين حقيقيين، يواجهون الحروب بحروب، إلى أن ينتصروا، وإلى أن يحفظوا للوطن أمواله وأموال أجياله المقبلة من هؤلاء اللصوص.